للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن طريق وهب بن بقية قال: حدثنا خالد عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أهدت له يهودية شاة مصلية بخيبر، نحو حديث جابر قال: فمات بشر بن البراء بن معرور، فأرسل إلى اليهودية، [وقال لها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم:] ما حملك على الّذي صنعت فذكر نحو حديث جابر، فأمر بها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فقتلت. ولم يذكر أمر الحجامة [ (١) ] .

قال البيهقيّ: ورويناه عن حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة ويحتمل أنه لم يقتلها [في الابتداء] ، ثم لما مات


[ (١) ] (المرجع السابق) : حديث رقم (٤٥١١) ، وما بين الحاصرتين زيادة للبيان.
وقد اختلف الناس فيما يجب على من جعل في طعام رجل سما فأكله فمات، فقال مالك بن أنس: عليه القود، وأوجب الشافعيّ- في أحد قوليه- القود إذا جعل في طعامه سما وأطعمه إياه، أو في شرابه فسقاه ولم يعلمه أن فيه سما. قال الشافعيّ: وإن خلط بطعام سما فوضعه ولم يقل له فأكله أو شربه فمات فلا قود عليه.
قال الخطابيّ: والأصل أن المباشرة والسبب إذا اجتمعا كان حكم المباشرة مقدما على السبب، كحافر البئر والدافع إليها.
فأما إذا استكرهه على شرب السم فعليه القود في مذهب الشافعيّ ومالك، وعن أبي حنيفة: إن سقاه السمّ فمات: لم يقتل به، وإن أوجره إيجارا كان على عاقلته الدية.
ثم إنه ليس في هذا الحديث أكثر من أن اليهودية أهدتها لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بأن بعثت بها، فصارت ملكا له، وصار أصحابه أضيافا له، ولم تكن هي التي قدّمتها إليهم وإليه، وما هذا سبيله فالقود فيه ساقط، لما ذكرنا من علة المباشرة وتقديمها على السبب.
وفي الحديث دليل على إباحة أكل طعام أهل الكتاب، وجواز مبايعتهم ومعاملتهم مع إمكان أن يكون في أموالهم الربا ونحوه من الشبهة.
وفيه حجة لمن ذهب إلى أن الهدية توجب العوض، وذلك أنه صلّى اللَّه عليه وسلّم لا يقبل الهدية من يهودية إلا من حيث يرى فيها التعويض، فيكون ذلك عنده بمنزلة المعاوضة بعقد البيع. واللَّه- تعالى- أعلم. (معالم السنن) .