للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الواقدي [ (١) ] : وقد سمعت في قصة شيبة وجها آخر، كان شيبة بن عثمان يقول: لما رأيت النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم غزا مكة فظفر بها، وخرج إلى هوازن، قلت: أخرج لعلي أدرك ثأرى، وذكرت قتل أبي يوم أحد، قتله حمزة، وعمي قتله عليّ، قال: فلما انهزم أصحابه جئته عن يمينه، فإذا العباس قائم عليه درع بيضاء كالفضة ينكشف عنها العجاج [ (٢) ] ، فقلت: عمه لن يخذله! فجئته عن يساره، فإذا بأبي سفيان ابن عمه، فقلت: ابن عمه ان يخذله! فجئته من خلفه، فلم يبق إلا أن أسوره بالسيف إذ رفع لي فيما بيني وبينه شواظ [ (٣) ] من نار كأنه برق، وخفت أن يمحشني [ (٤) ] ، ووضعت يدي على بصري، ومشيت القهقرى

والتفت إليّ وقال: يا شيب يا شيب، أدن مني، فوضع يده على صدري وقال: اللَّهمّ أذهب عنه الشيطان، قال: فرفعت إليه رأسي، وهو أحب إليّ من سمعي، وبصري، وقلبي، ثم قال: يا شيب، قاتل الكفار! قال: فتقدمت بين يديه أحب واللَّه أن أقيه بنفسي وبكل شيء، فلما انهزمت هوازن، رجع إلى منزله، ودخلت عليه فقال: الحمد للَّه الّذي أراد بك خيرا مما أردت، ثم حدثني بما هممت به.

وخرّج الإمام أبو بكر البيهقيّ [ (٥) ] هذه القصة من طريق الوليد بن مسلم قال: حدثني عبد اللَّه بن المبارك، عن أبي بكر الهذلي، عن عكرمة مولى ابن عباس، عن شيبة بن عثمان، قال: لما رأيت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يوم حنين قد عرى، ذكرت أبي وعمي، وقتل علي وحمزة إياهما، فقلت: اليوم أدرك ثأري من محمد، قال: فذهبت لأجيئه عن يمينه، فإذا أنا بالعباس بن عبد المطلب قائم عليه درع بيضاء، كأنها فضة يكشف عنها العجاج، فقلت: عمه


[ (١) ] (المرجع السابق) .
[ (٢) ] العجاج: الغبار.
[ (٣) ] الشواظ: اللهب الّذي لا دخان له.
[ (٤) ] يمحشني: يحرقني.
[ (٥) ] (دلائل البيهقي) : ٥/ ١٤٥، باب رمي النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم وجوه الكفار، والرعب الّذي ألقى في قلوبهم، ونزول الملائكة وما ظهر في كل واحد من هذه الأنواع من آثار النبوة.