للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الواقدي في (مغازيه) [ (١) ] حدثني ابن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- ومحمد بن صالح، عن عاصم بن عمر بن قتادة، ومعاذ بن محمد، عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة، وإسماعيل ابن إبراهيم، عن موسى بن عقبة، فكل قد حدثني من هذا الحديث بطائفة، وعماده حديث ابن أبي حبيبة.

قالوا: بعث رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم خالد بن الوليد من تبوك في أربعمائة وعشرين فارسا إلى أكيدر بن عبد الملك بدومة الجندل- وكان أكيدر من كندة قد ملكهم وكان نصرانيا- فقال خالد: يا رسول اللَّه، كيف لي به وسط بلاد كلب، وإنما أنا في أناس يسير؟ فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: ستجده يصيد البقر فتأخذه.

قال: فخرج خالد حتى إذا كان من حصنه بمنظر العين في ليلة مقمرة صائفة، وهو على سطح له ومعه امرأته الرباب بنت أنيف بن عامر من كندة، وصعد على ظهر الحصن من الحر، وقينته تغنبه، ثم دعا بشراب فشرب، فأقبلت البقر تحك بقرونها باب الحصن، فأقبلت امرأته الرباب فأشرفت على الحصن فرأت البقر، فقالت: ما رأيت كالليلة في اللحم، هل رأيت مثل هذا قط؟ قال: لا، ثم قالت: من يترك هذا؟ قال: لا أحد.

قال: يقول أكيدر: واللَّه ما رأيت جاءنا بقر غير تلك الليلة ولقد كنت أضمّر لها الخيل إذا أردت أخذها شهرا أو أكثر، ثم أركب بالرجال وبالآلة.

قال: فنزل، فأمر بفرسه فأسرج، وأمر بخيل فأسرجت، وركب معه نفر من أهل بيته، معه أخوه حسان ومملوكان، فخرجوا من حصنهم بمطاردهم [ (٢) ] ، فلما فصلوا من الحصن وخيل خالد تنتظرهم لا يصهل منها فرس ولا يتحرك، فساعة فصل أخذته الخيل، فاستأسر أكيدر، وامتنع حسان فقاتل حتى قتل، وهرب المملوكان ومن كان معه من أهل بيته، فدخلوا


[ (١) ] (مغازي الواقدي) : ٣/ ١٠٢٥- ١٠٢٨، غزوة أكيدر بن عبد الملك بدومة الجندل في رجب سنة تسع، وهي على عشرة أميال من المدينة المنورة.
[ (٢) ] المطارد: جمع مطرد، وزن منبر، وهو رمح قصير يطرد به الوحش.