للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن حديث هشيم، عن ابن شبرمة، عن الشعبي بنحو منه [ (١) ] .

وخرّج أيضا من حديث عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن الزهريّ قال:

حدثنا رجل من مزينة من حديث يونس قال: قال محمد بن مسلم: سمعت رجلا من مزينة ممن يتبع العلم ويعيه، ثم اتفقا: ونحن عند سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، وهذا حديث معمر وهو أتمّ، قال: زنى رجل من اليهود وامرأة، فقال بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى هذا النبي فإنه نبي بعث بالتخفيف، فإن أفتانا بفتيا دون الرجم قبلناها، واحتججنا بها عند اللَّه، قلنا:

فتيا نبيّ من أنبيائك! قالوا: فأتوا النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم وهو جالس في المسجد في أصحابه، فقالوا: يا أبا القاسم، ما ترى في رجل وامرأة زنيا؟ فلم يكلمهم حتى أتى بيت مدراسهم، فقام على الباب فقال: أنشدكم باللَّه الّذي أنزل التوراة على موسى، ما تجدون في التوراة على من زنى إذا أحصن؟ قالوا: يحمم ويجبه ويجلد: أن يحمل الزانيان على حمار وتقابل أقفيتهما، ويطاف بهما.

قال: وسكت شاب منهم، فلما رآه النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم سكت ألظّ به النشدة، أنشده فقال: اللَّهمّ إذ نشدتنا فإنا نجد في التوراة آية الرجم، فقال النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم: فما أول ما ارتخصتم أمر اللَّه- عز وجل-؟ قال: زنا ذو قرابة من ملك من ملوكنا فأخر عنه الرجم، ثم زنا رجل في أسرة من الناس فأراد رجمه فحال قومه دونه وقالوا: لا ترجم صاحبنا حتى تجيء بصاحبك فترجمه فاصطلحوا على هذه العقوبة بينهم، قال النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم: فإنّي أحكم بما في التوراة فأمرهما فرجما [ (٢) ] .

قال الزهريّ: فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم: إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا، كان النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم منهم [ (٣) ] .


[ (١) ] (المرجع السابق) : حديث رقم (٤٤٥٤) ، وهو حديث مرسل أيضا.
[ (٢) ] (المرجع السابق) : حديث رقم (٤٤٥٠) . وألظّ: ألحّ عليه في ذلك وفي الحديث «ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام» .
[ (٣) ] فيه رجل من مزينة، قال الخطابيّ: لا يعرف، والآية (٤٤) من سورة المائدة،
وفي قوله صلّى اللَّه عليه وسلّم: «فإنّي أحكم بما في التوراة»
حجة لمن قال بقول أبي حنيفة، إلا أن الحديث عن رجل لا يعرف، وقد يحتمل أن يكون معناه: أحكم بما في التوراة احتجاجا به عليهم، وإنما حكم بما كان في دينه وشريعته، فذكره التوراة لا يكون علة للحكم. (معالم السنن) .