للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أقبل الأنصاري فقال: يا أخا الأنصار سل عن حاجتك وإن شئت أنبأناك بالذي جئت تسأل عنه. قال: فذلك أعجب، إلي يا رسول اللَّه! قال: فإنك جئت تسأل عن خروجك من بيتك تؤم البيت العتيق وتقول: ماذا لي فيه؟ وعن وقوفك بعرفات، وتقول: ماذا لي فيه؟ وعن حلقك رأسك، وتقول: ماذا لي فيه؟ وعن طوافك بالبيت، وتقول: ماذا لي فيه؟ وعن رميك الجمار، وتقول ماذا لي فيه؟ قال: إي والّذي بعثك بالحق، إن هذا الّذي جئت أسألك عنه.

قال أما خروجك من بيتك تؤم البيت، فإن لك بكل موطأة تطؤها راحلتك أن تكتب لك حسنة وتمحى عنك سيئة، وإذا وقفت بعرفات، فإن اللَّه- تعالى- ينزل إلى السماء الدنيا فيقول للملائكة: هؤلاء عبادي جاءوني شعثا غبرا من كل فج عميق، يرجون رحمتي، ويخافون عذابي، وهم لم يروني فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثل رمل عالج ذنوبا أو قطر السماء أو عدد أيام الدنيا، غسلها عنك، وأما رميك الجمار فإن ذلك مدخور لك عند ربك، فإذا حلقت رأسك، فإن لك بكل شعرة تسقط من رأسك أن تكتب لك حسنة وتمحى عنك سيئة، فإذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك ليس عليك منها شيء [ (١) ] .

قال البيهقي: وله [شاهد بإسناد] حسن فذكر من طريق القاسم بن الوليد الجندعي، عن سنان بن الحارث بن مصرف، عن مجاهد، عن عبد اللَّه بن عمر، قال: جاء رجل من الأنصار وأظنه رجل من ثقيف إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فقال: يا نبي صلّى اللَّه عليه وسلّم كلمات أسألك عنهن تعلمنيهن، فذكر الحديث بمعناه إلا أنه قال: وإذا رمى الجمر فإن أحدا لا يدري ماله حتى يوفاه يوم القيامة، وقال في الطواف: خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه [ (٢) ] .

قال: روى ذلك عن أنس بن مالك، فذكره من طريق مسدد قال: حدثنا عطاف بن خالد المخزومي، حدثنا إسماعيل بن رافع، عن أنس بن مالك-- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-[صاحب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم] [ (٣) ] قال: كنت جالسا مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في مسجد الخيف فأتى رجل من الأنصار ورجل من


[ (١) ] (دلائل البيهقي) : ٦/ ٢٩٣- ٢٩٤، باب ما روى في إخبار النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم السائل بما أراد أن يسأله عنه قبل سؤاله.
[ (٢) ] (المرجع السابق) : ٢٩٤.
[ (٣) ] زيادة للسياق من (المرجع السابق) .