للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرّج الترمذي من حديث ابن أبي الزناد، عن أبي الزناد، عن عروة بن الزبير، عن نيار بن مكرم الأسلميّ قال: لما نزلت: الم* غُلِبَتِ الرُّومُ* فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ* فِي بِضْعِ سِنِينَ فكانت فارس يوم نزلت هذه الآية قاهرين للروم، وكان المسلمون يحبون ظهور الروم عليهم، لأنهم وإياهم أهل كتاب، وذلك قول اللَّه- تعالى-: وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ* بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ فكانت قريش تحب ظهور فارس لأنهم وإياهم ليسوا بأهل كتاب ولا إيمان يبعث، فلما أنزل اللَّه هذه الآية خرج أبو بكر الصديق- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- يصيح في نواحي مكة الم* غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ* فِي بِضْعِ سِنِينَ.

قال ناس من قريش لأبي بكر: فذلك بيننا وبينكم، زعم صاحبك أن الروم ستغلب فارس في بضع سنين، أفلا نراهنك على ذلك؟ قال بلى، وذلك قبل تحريم الرهان، فارتهن أبو بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- والمشركون وتواضعوا الرهان وقالوا لأبي بكر: كم تجعل؟ البضع ثلاث سنين إلى تسع سنين فسمّ بيننا وبينك وسطا ننتهي إليه، قال: فسموا بينهم ست سنين قال:

فمضت الست سنين قبل أن يظهروا، فأخذ المشركون رهن أبي بكر فلما دخلت السنة السابعة ظهرت الروم على فارس فعاب المسلمون على أبي بكر تسمية ست سنين لأن اللَّه- تعالى- قال: في بضع سنين، قال: وأسلم عند ذلك ناس كثيرة [ (١) ] .

قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح حسن غريب من حديث نيار بن مكرّم لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد [ولا نعرف النيار بن مكرم، عن النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم غير هذا الحديث] [ (٢) ] .

وقال عبد الرزاق، عن معمر، عن منصور، عن أبي الضحاك، عن مسروق، عن ابن مسعود قال: مضت آية الروم، وقد مضى فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً [ (٣) ] واللزام القتل يوم بدر، وقد مضت البطشة الكبرى يوم بدر.


[ (١) ] (المرجع السابق) : حديث رقم (٣١٩٤) .
[ (٢) ] ما بين الحاصرتين من (الأصل) فقط.
[ (٣) ] آخر آية من سورة الفرقان.