للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يذكر قوله: وسمى الحرب خدعة، وقال: ولتنفقن، وفي بعض النسخ وتقسمن، كما قال البخاري.

وخرّج البخاريّ في كتاب فرض الخمس [ (١) ] من حديث إسحاق، سمع جريرا، عن عبد الملك، عن جابر بن سمرة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، فذكر بمثل حديث أبي هريرة سواء.

وخرّجه في باب علامات النبوة في الإسلام [ (٢) ] من حديث سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة يرفعه، قال: إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده- وذكر قال: لتنفقن كنوزهما في سبيل اللَّه.

قال قاسم بن ثابت: معنى هذا الحديث- واللَّه تعالى أعلم- أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أجابهم على نحو مسألتهم، وذلك أن أهل مكة كانوا تجارا يرحلون إلى الشام والعراق ويضطربون في المعاش.

قال ابن دريد: سمى العراق بعراق السفرة وهو الخرز المحيط بها، فقيل عراق لأنه استكف أرض العرب، وقيل سمي عراق بتواشح الشجر كناية، أراد عرقا وجمع عراقا، وقال الأصمعي: كانت العراق تسمى إران فعربوها فقالوا: العراق، وقال الخليل: شاطئ البحر، لأنه على شاطئ دجلة والفرات، حتى يتصل بالبحر، فلما افتتح رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم مكة شكوا إليه كساد تجارتهم، وقلة مكسبهم، وانقطاعهم عن البلدان التي منها يميرون، وبها يتجرون،

فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده،

يريد لا يكون بعده بالعراق كسرى، ولا بالشام قيصر، بظهور الملة [المحمدية] [ (٣) ] ويقال في نحو هذا الحديث: أنزل اللَّه- تبارك وتعالى-: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ


[ (١) ] (فتح الباري) : ٦/ ٢٧٠، كتاب فرض الخمس، باب (٨) قول النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم: أحلت لي الغنائم، وقال اللَّه عزّ وجلّ: وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها [الفتح: ٢٠] ، وهي للعامة حتى يبينه الرسول صلّى اللَّه عليه وسلّم، حديث رقم (٣١٢١) .
[ (٢) ] (المرجع السابق) : كتاب المناقب، باب (٢٥) علامات النبوة في الإسلام، حديث رقم (٣٦١٩) ، وفي (الأصل) نقل المقريزي- رحمه اللَّه- الحديث رقم (٣٦١٨) بسند الحديث رقم (٣٦١٩) ، والصواب ما أثبتناه.
[ (٣) ] زيادة للسياق والبيان.