النبي صلى اللَّه عليه وسلم حتى قل أهل الردة، وذلوا ودخلوا عامتهم في الباب الّذي خرجوا منه فلما مات النبي صلى اللَّه عليه وسلم لم يبق حي إلا ارتاب منهم خاصة أو عامة، ما خلا أهل مكة، وأهل الطائف.
وقد جاء أهل الطائف لموافاتهم عثمان بن أبي العاص من غير ظان تموت على دينهم فاستيقظوا، ولم يبق أحد على دينه في عبد القيس وحضرموت فإنّهم نزعوا عن دينهم ثم استقاموا.
وقال مجاهد عن سعيد عن الشعبي: لما فصل أسامة بن زيد- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- تضرمت الأرض وارتدت من كل قبيلة وعامة إلا قريش وثقيف.
وقال هشام بن عروة، عن أبيه. لما مات رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وفصل أسامة، ارتدت العرب خواص وعوام، وتروخي عن مسيلمة وطليحة فاستغلظ أمرهما.
واجتمعت على طلحة عوام طيِّئ وأسد. وارتدت غطفان إلا ما كان من أشجع وخواص من الأفناء فبايعوه وقدمت هوازن رجلا وأخرت أخرى، أمسكوا الصدقة إلا ما كان من ثقيف ومن إليهم فإنّهم أقيدوا بهم عوام جذيلة والأعجار، وارتدت خواص من سليم وكذلك سائر الناس من كل مكان.
وقدمت رسل النبي صلى اللَّه عليه وسلم من اليمن واليمامة وبلاد بني أسد مع وفود من كان كاتبه النبي صلى اللَّه عليه وسلم وأمر أمره في الأسود ومسيلمة وطليحة بالأخبار والكتب، فدفعوا كتبهم إلى أبي بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- وأخبره الخبر، فقال لهم: لا تبرحوا حتى تجيء رسل أمرائكم وغيرهم بأوهى مما وصفهم، فلم يلبثوا أن قدمت كتب أمراء رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من كل مكان بأنقاض العرب عامة وخاصة وتبسطهم بأنواع المثل على المسلمين، فجاءهم أبو بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- بما كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم جاءهم بالرسل، فردوا رسلهم بأمره واتبع الرسل وانتظر بمصادمتهم قدوم أسامة، وكان أول من صادم عبس، وذبيان، عاجلهم وأعجلوه فقاتلهم قبل رجوع أسامة وقدوم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بمثل ذلك.