للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرّجه مسلم من حديث أبي أسامة عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس، قال: دعا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم رجل فانطلقت معه فجيء بمرقة فيها دبّاء فجعل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يأكل من ذلك الدباء وتعجبه، قال: فلما رأيت ذلك جعلت ألقيه إليه ولا أطعمه. قال: فقال أنس: فما زلت بعد ذلك يعجبني الدّبّاء [ (١) ] .

ومن حديث عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن ثابت البنانيّ وعاصم الأحول، عن أنس، أن رجلا خياطا دعا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم. فذكره، وزاد ثابت:

سمعت أنسا يقول فما صنع لي طعام بعد أقدر على أن يصنع فيه دباء إلا صنع [ (٢) ] .

وخرّجه مالك في (الموطأ) [ (٣) ] ، عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- يقول: إن خياطا دعا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لطعام صنعه قال أنس: فذهبت مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إلى ذلك الطعام، فقرّب إليه خبزا من شعير ومرقا فيه دبّاء قال أنس: فرأيت رسول اللَّه


[ (١) ] (مسلم بشرح النووي) : ١٣/ ٢٣٦، كتاب الأشربة، باب (٢١) جواز أكل المرق، واستحباب أكل اليقطين، وإيثار أهل المائدة بعضهم بعضا، وإن كانوا ضيفانا، وإذا لم يكره ذلك صاحب الطعام، حديث رقم (١٤٥) ، وفيه فوائد: منها إجابة الدعوة، وإباحة كسب الخياط، وإباحة المرق، وفضيلة أكل الدباء، وأنه يستحب أن يحب الدباء، وكذلك كل شيء كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يحبه، وأنه يحرص على تحصيل ذلك، وأنه يستحب لأهل المائدة إيثار بعضهم بعضا إذا لم يكرهه صاحب الطعام.
وأما تتبع الدباء من حوالي الصحفة فيحتمل وجهين: أحدهما، من حوالي جانبه، وناحيته من الصحفة لا من حوالي جميع جوانبها، إنما نهى عن ذلك لئلا يتقذره جليسه. ورسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لا يتقذره أحد، بل يتبركون بآثاره صلى اللَّه عليه وسلم فقد كانوا يتبركون ببصاقه صلى اللَّه عليه وسلم ونخاته، ويدلكون بذلك وجوههم، وشرب بعضهم بوله، وبعضهم دمه، وغير ذلك، مما هو معروف من عظيم اعتنائهم بآثاره التي يخالفه فيها غيره.
والدباء: هو اليقطين، وهو بالمد- هذا هو المشهور- وحكى القاضي عياض فيه القصر أيضا، الواحدة دباءة، أو دباة. واللَّه تعالى أعلم. (شرح النووي) .
[ (٢) ] سبق تخريجه.
[ (٣) ] (موطأ مالك) : ٢٧٢، كتاب النكاح، ما جاء في الوليمة، حديث رقم (١١٥٠) ، وقال في هامشه: الدباء:
هو القرع، وقيل: هو خاصّ بالمستدير منه.