للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لعدوّ بينه وبينهم جائزة، فقال: من جاز هذا النهر فله كذا، وكان الرجل يعبر فيأخذه، فيقال: أخذ جائزة.

وقال ابن أبي طاهر: كان أمير الجيش فطن [ (١) ] بن عوف الهيلاني، كان عبد اللَّه بن عامر استعمله علي كرمان وكان فطن أعطي على جواز النهر أربعة آلاف ألف. فأتى ابن عامر أن تحسها له، فكتب إليه عثمان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- أن يحسبها أجبها، وقتل في ذلك، فدى للأكرس بن بني هلال على علاتهم أهلي ومالي هم سبوا الجوائز في معد فصارت سنة في إحدى الليالي.

وقال ابن قتيبة: أصل الجائزة أن وطنا هذا ولي فارس لعبد اللَّه بن عامر فمر به الأحنف في حبسه غازيا فوقعه لهم على قنطرة الكرّ فيعطي الرجل على قدره فلما كثروا قال: أجيزوهم، فأجيزوا فهو أول من سنّ الجوائز.

خرج أبو نعيم، عن محمد بن عمر الواقدي قال: قدم وفد بني مرة بن [ (٢) ] قيس ورسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في المسجد فقال الحارث بن عوف: يا رسول اللَّه نحن قومك وعشيرتك من بني لؤيّ بن غالب، فتبسم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، ثم قال للحارث بن عوف: أين تركت أهلك؟ قال: بسلام [ (٢) ] ، وما والاها، قال:

وكيف البلاد؟ قال: واللَّه إنا لمسنتون [ (٣) ] وما في المال مح [ (٤) ] ، فادع اللَّه تبارك وتعالى لنا قال: فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم اللَّهمّ اسقهم الغيث [ (٥) ] ، فأقاموا أياما، ثم أرادوا الانصراف إلى بلادهم، فجاءوا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مودعين له، فأمر بلالا- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- أن يجيزهم فأجازهم بعشر أواق من فضة لكل واحد، وفضّل الحارث بن عوف فأعطاه اثنتي عشرة أوقية، ورجعوا إلى بلادهم فوجدوا البلاد مطيرة، فسألوا: متى مطرتم؟ فإذا هو ذلك اليوم الّذي دعا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لهم، فقدم عليه قادم وهو يتجهز لحجة الوداع فقال:


[ (١) ] (قدم وفد بني مرة لرسول اللَّه. ص) ، مرجعه من تبوك في سنة تسع، وهم ثلاثة عشر رجلا، ورأسهم الحارث ابن عوف. (طبقات ابن سعد) : ١/ ٢٩٧- ٢٩٨.
[ (٢) ] في (الأصل) : «بسلام» ، وفي (طبقات ابن سعد) : «بسلاح»
[ (٣) ] لمسنتون: لمجدبون، من الجدب والقحط.
[ (٤) ] المح: الثوب البالي الخلق.
[ (٥) ] (البداية والنهاية) : ٥/ ١٠٣- ١٠٤.