تنبيه: قال الخازن قد يتوهم متوهم أن في بعث علي بن أبي طالب بقراءة أول (براءة) عزل أبي بكر عن الإمارة، وتفضيله على أبي بكر وذلك جهل من هذا المتوهم، ويدل على أن أبا بكر لم يزل أميرا على الموسم في تلك السنة، حديث أبي هريرة عن الشيخين أن أبا بكر بعثه في الحجة التي أمره رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قبل حجة الوداع في رهط يؤذنن في الناس. الحديث، وفي لفظ أبي داود والنسائي قال: بعثني أبو بكر فيمن يؤذن في يوم النحر بمنى أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان، فقوله: «بعثني أبو بكر» ، فيه دليل على أن أبا بكر كان هو الأمير على الناس، وهو الّذي أقام للناس حجهم، وعلمهم مناسكهم. وأجاب العلماء عن بعث رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عليا ليؤذن في الناس حجهم وعلمهم مناسكهم. وأجاب العلماء عن بعث رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عليا ليؤذن في الناس ببراءة بأن عادة العرب جرت أن لا يتولى تقرير العهد ونقضه إلا سيد القبيلة وكبيرها، أو رجل من أقاربه، وكان عليّ بن أبي طالب أقرب إلى النبيّ صلى اللَّه عليه وسلم من أبي بكر، لأنه ابن عمه ومن رهطه، فبعثه النبي صلى اللَّه عليه وسلم ليؤذن عنه ببراءة، إزاحة لهذه العلة، لئلا يقولوا: هذا على خلاف ما نعرفه من عادتنا في عقد العهود ونقضها. وقيل: لما خص أبا بكر لتوليته على الموسم خص عليا بتبليغ هذه الرسالة تطييبا لقلبه ورعاية لجانبه. وقيل: إنما بعث عليا في هذه الرسالة حتى يصلي خلف أبي بكر ويكون جاريا مجرى التنبيه على إمامة أبي بكر بعد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، لأن النبي صلى اللَّه عليه وسلم بعث أبا بكر أميرا على الحج وولاه الموسم، وبعث عليا خلفه ليقرأ على الناس ببراءة، فكان أبو بكر الإمام، وعليّ- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- المؤتم، وكان أبو بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- الخطيب، وعليّ المستمع. وكان أبو بكر- رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه- المتولي أمر الموسم والأمير على الناس ولم يكن ذلك لعلي، فدل ذلك على تقديم أبي بكر على عليّ، وفضله عليه. (تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي) : ٨/ ٣٨٦- ٣٨٧.