حكمت أشبه بحكم المرتد، وقوى الخلاف في استتابته وعلى القول الآخر لا يسقط القتل عنه بتوبته لحق النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم إن كان ذكره بنقيصة فيما قاله من كذب أو غيرة، وإن كان متسترا بذلك فحكمه حكم الزنديق لا يسقط قتله بالتوبة عندنا كما سنبينه.
قال ابن القاسم: دعا إلى ذلك: سرا أو جهرا. وقال أصبغ: وهو كالمرتد لأنه قد كفر بكتاب اللَّه مع الفرية على اللَّه، وقال أشهب في يهودي تنبأ أو زعم أنه أرسل إلى الناس، أو قال: بعد نبيكم نبي، إنه يستتاب إن كان معلنا بذلك فإن تاب وإلا قتل، وذلك لأنه مكذب للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم فهو كافر جاحد، وقال: من كذب النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم كان حكمه عند الأمة القتل، وقال أحمد بن أبى سليمان صاحب سحنون: من قال إن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم أسود، لأن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم لم يكن صلّى اللَّه عليه وسلّم بأسود. وقال نحوه: أبو عثمان الحداد: قال: لو قتل لأن هذا نفى، وقال حبيب بن ربيع: تبديل صفته ومواضعه كفر والمظهر له كافر، وفيه الاستتابة الوجه الرابع: أن يأتى من الكلام بمجمل أو بلفظ من القول بمشكل يمكن حمله على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم أو غيره، أو يتردد في المراد به من سلامته من المكروه أو شره. فهاهنا متردد النظر وحيرة العبر ومظنة اختلاف المجتهدين ووقعه استبراء المقلدين ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينه، فمنهم من غلب حرمة النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم وحمى عرضه، فجسر على القتل، ومنهم من عظم حرمة الدم ودرء الحد بالشبهة لاحتمال القول، وقد اختلف أئمتنا في رجل أغضبه غريمه، فقال له: صل على النبي محمد فقال له الطالب: لا صلّى اللَّه على من صلّى عليه، فقيل لسحنون: هل هو كمن شتم النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم؟ أو شتم الملائكة الذين يصلون عليه؟ قال: لا، إذا كان على ما وصفت من الغضب لأنه لم يكن مضمرا الشتم.
ذهب الحارث بن مسكين القاضي وغيره في مثل هذا إلى القتل، وتوقف أبو الحسن القابسي في قتل رجل قال: كل صاحب فندق قرنان ولو كان نبيا مرسلا! فأمر بشده بالقيود والتضييق عليه حتى يستفهم بالبينة من جملة ألفاظه وما يدل على مقصده، هل أراد أصحاب الفنادق الآن! فمعلوم أنه ليس