وإنما ذكر ذلك لكم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم لكيلا تدفنوه في مصلاه، فقالوا: فيدفن إذا بالبقيع، قال العباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- لعمر: واللَّه لا ندفنه بالبقيع قالوا: لم؟ قال لأنه لا يزال عبدا وأمره يعود إلى بيت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فتأتيه سيدة فتحتجه قالوا: فأين ندفنه قال- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-: حيث نزع اللَّه عز وجل نفسه، ففعلوا فلما فرغوا من غسله وتكفينه وضعوه حيث توفى، فصلّى الناس عليه يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ودفن الأربعاء، وكانت صلاة الناس عليه صلّى اللَّه عليه وسلّم بغير إمام فبدأ المهاجرون فجعلوا يدخلون البيت ما وسع منهم فيصلون عليه صلّى اللَّه عليه وسلّم ويستغفرون له بغير إمام ثم يخرجون ويدخل آخرون فيفعلون مثل ذلك فلما فرغ المهاجرون دخلت الأنصار ففعلوا مثل ما فعل المهاجرون، ثم نساء المهاجرين ثم نساء الأنصار بعد، ولما أخذوا في دفنه صاحت الأنصار وقالوا: اجعل لنا نصيبا من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم عند موته فإنا قد كنا منه بمنزلة في حياته، ففعلوا فأدخلوا أوس بن خولي من الأنصار من بني الحبلي فكان فيمن دفن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم.
قال المعتمر بن سليمان سمعت أبى يقول ما لا أحصي: ما أعلم بعد القرآن كتابا أصح من هذه السيرة واللَّه تعالى أعلم.
ذكر سيف بن عمر التميمي في كتاب (الردة) عن علي- رضي اللَّه تبارك وتعالي عنه- قال: قدم النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم لسبع بقين من ذي الحجة أو ثمان فوجد صداعا يوم قدم وفترة وقدم عليه في أول يومه ذلك خلع من البحرين من ربيعة وقدم وافدهم في أثره بالسلم فوافق النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم وقد ندب الناس إليهم فوضع البعث وأمضى عمرو بن العاص- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- إلى عثمان إلى صفر بن الجليدى يدعوه فمضى عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- دعوة النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم من ذلك الصداع وتلك الفترة لأيام بقين من ذي الحجة وكان المتحلل من الشعر.
عن الشعبي عن نفر من أصحاب النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قالوا: قدم النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم مرجعه من حجته فتخلل به السير فما زال مجلوطا حتى استقر به الوجع وقام به خطيبا