نفسه بالمعوذات، فلما مرض وثقل كنت أقرأها في يديه وأمسح بهما جسده وألتمس بذلك بركة يديه، ودخلت عليه في مرضه أم بشر بنت البراء بن معرور فقالت: يا رسول اللَّه ما وجدت مثل هذه الحمى التي عليك على أحد! فقال صلى اللَّه عليه وسلم وما كان اللَّه تعالى ليسلطها على رسوله إنها همزة من الشيطان، ولكنها من الأكلة التي أكلت أنا وابنك بخيبر من الشاة، كان يصيبني منها عداد مرة فكان هذا أوان انقطاع أبهري، فمات رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم شهيدا.
وخرج البخاري [ (١) ] من حديث الليث قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب قال: أخبرني عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود قال: إن عائشة زوج النبي صلى اللَّه عليه وسلم قالت: لما ثقل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم واشتد به وجعه استأذن أزواجه أن يمرض في بيتي، فأذن له فخرج وهو بين الرجلين تخط رجلاه في الأرض بين العباس بن عبد المطلب وبين رجل آخر، قال عبيد اللَّه: فأخبرت عبد اللَّه بالذي قالت عائشة، فقال لي عبد اللَّه بن عباس: هل تدري من الرجل الآخر الّذي لم تسم عائشة؟ قال: قلت: لا، قال ابن عباس: هو علي، وكانت عائشة زوج النبي صلى اللَّه عليه وسلم تحدث أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لما دخل بيتي واشتد به وجعه قال: أهريقوا علي من سبع قرب لم تحلل أو كيتهن، لعلي أعهد إلى الناس، وأجلسناه في مخضب لحفصة زوجة النبي صلى اللَّه عليه وسلم ثم طفقنا نصب عليه من تلك القرب، حتى طفق يشير إلينا بيده أن قد فعلتن. قالت: ثم خرج صلى اللَّه عليه وسلم إلى الناس فصلى بهم وخطبهم.
وأخبرني عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، قال: إن عائشة وعبد اللَّه بن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- قالا: لما نزل برسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك:
لعنة اللَّه على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يحذر ما صنعوا.
وأخبرني عبيد اللَّه أن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- قالت:
لقد راجعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في ذلك وما حملني على كثرة مراجعته إلا أنه لم يقع في قلبي أن يحب الناس بعده رجلا يقوم مقامه أبدا، وإلا كنت أرى أنه لن
[ (١) ] (فتح الباري) : ٨/ ١٧٨، كتاب المغازي، باب (٨٤) مرض النبي ووفاته، حديث رقم (٤٤٤٢) .