فليصل بالناس، فقلت: رقة الصديق ووجده بك ما قد علمت، فمتى يقم مقامك لا يستطيع أن يمضي في صلاته، وأغمي عليه وأفاق، فقال: هل صلى الناس بعد؟ فقال مثل ما قال وأغمي عليه، فقلت لحفصة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- وهي إلى جنبي: قد رددت أمر النبي صلى اللَّه عليه وسلم مرتين وأنا أخاف أن أغضبه فأجبته هذه المرة واشتدي بأبيك فإنه أرفق لذلك، فأفاق النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقال:
أصلي الناس بعد؟ فقالت حفصة: يا رسول اللَّه إن من رقة أبي بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- ووجده بك ما قد علمت، ومتى يقم في مقامك لا يستطيع أن يمضي في صلاته، فلو أمرت عمر فصلى بالناس فغضب صلى اللَّه عليه وسلم وقال: دعينى منكن، فإنكنّ صواحب يوسف، وأمر بلالا- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- أن يقيم، وأمر أبا بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- أن يصلي بالناس، فصلى بالناس، وكان صلى اللَّه عليه وسلم يؤذنه بلال- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- لكل صلاة فإن قدر على الخروج وإلا أمر أبا بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فيصلي بالناس. وقال عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: قلت: يا أمّ المؤمنين كم صلى أبو بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- بالناس؟ فقالت: اثنى عشر يوما، لا تأتي الصلاة إلا جاء بلال- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- إلى الباب يؤذن بها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فيقول:
مروا أبا بكر فليصل بالناس إلا أن يجد خفة فيخرج، فقلت: فهل صلى خلفه النبي صلى اللَّه عليه وسلم قالت: نعم قاعدا ما دام لا يقدر على القيام.
قال سيف: عن محمد بن إسحاق عن الزهري، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: لم يصلّ النبي صلى اللَّه عليه وسلم خلف أحد من أمته صلاة تامة إلا خلف أبي بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- وصلى صلى اللَّه عليه وسلم خلف عبد الرحمن بن عوف- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- ركعة.
قال سيف: عن هلال بن عامر، عن رافع بن عمر عن أبيه قال: حج النبي صلى اللَّه عليه وسلم سنة عشر، ثم رجع فأقام بقية ذي الحجة والمحرم ثم اشتكى في صفر فلما ثقل عن الخروج أمر أبا بكر أن يقوم مقامه وكان يصلى بالناس، وكان النبي صلى اللَّه عليه وسلم ربما خرج بعد ما يدخل أبو بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- في