وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً [ (١) ] قال ذلك- زعموا مرارا- كلما أفاق من غشيته فظن النسوة أن الملك خيره بين الدنيا والجنة فيختار رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الجنة وما عند اللَّه تعالى من حسن الثواب.
واشتد برسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الوجع، فأرسلت فاطمة إلى عليّ بن أبي طالب- رضى اللَّه تبارك وتعالى- عنهما، وأرسلت حفصة إلى عمر بن الخطاب- رضي اللَّه تبارك وتعالى- وأرسلت كل امرأة إلى حميمها، فلم يرجعوا حتى توفي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم على صدر عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- في يومها، يوم الاثنين حين زاغت الشمس، لهلال شهر ربيع الأول.
وذكر من طريق ابن لهيعة، فحدثنا أبو الأسود عن عروة قال: صدر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عن حجة التمام، فقدم المدينة، فاشتكى في صفر، ووعك أشد الوعك، فذكر معنى ما روينا عن موسى بن عقبة.
ومن طريق يونس، عن ابن إسحاق قال: حدثنا ابن أبي مليكة، قال: صلى أبو بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- بالناس صلاة الصبح، فجاءه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فجلس إلى جنب أبي بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فصلى وهو عاصب رأسه، فلما فرغ من الصلاة، أقبل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم على الناس رافعا صوته، حتى خرج من باب المسجد يقول: أيها الناس! سعرت النار، وأقبلت الفتن كقطع الليل المظلم.
قال البيهقي من طريق سليمان بن بلال، عن أبى عبد العزيز الزبيدي، عن مصعب بن محمد بن شرحبيل، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قالت: كشف رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم سترا أو فتح بابا لا أدرى أيهما، قال مصعب فنظر إلى الناس وراء عنه أبى بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى- يصلون فحمد اللَّه تعالى وسرّ بالذي رأى منه، وقال: الحمد للَّه، ما من نبي يتوفاه اللَّه تعالى حتى يؤمه رجل من أمته، أيها الناس أيما عبد من أمتى أصيب بمصيبتى من بعدي، فليتعزى بمصيبته عن مصيبته التي يصاب بها من بعدي، فإن أحدا من أمتي