للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: قيل لعمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- ألا تستخلف؟ قال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني، أبو بكر وإن أترك فقد ترك من هو خير مني، رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فأثنوا عليه فقال: راغب وراهب، ووددت أني نجوت منها كفافا لا لي ولا عليّ، لا أتحملها حيا وميتا [ (١) ] .

وخرجه مسلم من حديث أبى أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن ابن عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- قال: حضرت أبي حين أصيب فأثنوا عليه وقالوا جزاك اللَّه خيرا، فقال: راغب وراهب، فقال: استخلف، فقال- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-: لا أتحمل أمركم حيا وميتا لوددت أن حظّي منها الكفاف، لا عليّ ولا لي، فإن استخلف فقد استخلف من هو خير مني، يعني أبا بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- وإن أترككم فقد ترككم من هو خير مني، رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم. قال عبد اللَّه: فعرفت أنه حين ذكر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه غير مستخلف [ (٢) ] .

وخرج من طريق عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهريّ قال: أخبرني سالم عن ابن عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- قال: دخلت على حفصة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- فقالت: أعلمك أن أباك غير مستخلف؟ قال، قلت، ما كان ليفعل، قالت: إنه فاعل، قال: فحلفت أنى أكلمه في ذلك، فسكتّ حتى غدوت ولم أكلمه، قال: فكنت كأنما أحمل بيميني جبلا حتى رجعت فنحلت عليه فسألني عن حال الناس وأنا أخبره، قال: ثم قلت له: إني سمعت الناس يقولون مقالة فآليت أن أقولها لك، زعموا أنك غير مستخلف، وإنه لو كان لك راعى إبل أو راعى غنم ثم جاءك وتركها، أرأيت إن ضيع؟

فرعاية الناس أشد، قال فوافقه قولي، فوضع رأسه ساعة، ثم رفعه إليّ فقال: إن اللَّه عز وجل يحفظ دينه، وإني لئن لا أستخلف فإن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لم يستخلف، وإن أستخلف فإن أبا بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قد


[ (١) ] (فتح الباري) : ١٣/ ٢٥٥، باب الاستخلاف، حديث رقم (٧٢١٨) ، والاستخلاف: أي تعيين الخليفة عند موته خليفة بعده، أو يعين جماعة ليتخيروا منهم واحدا.
[ (٢) ] (مسلم بشرح النووي) : ١١/ ٤٤٦ كتاب الإمارة، باب (٢) الاستخلاف وتركه حديث رقم (١١) .