فأخبرهم تعالى أنهم سيدعوهم غير النبي صلى اللَّه عليه وسلم إلى قوم يقاتلونهم أو يسلمون، ووعدهم على طاعة من دعاهم إلى ذلك الأجر الحسن، ووعدهم على عصيانه بالعذاب الأليم وما دعا أولئك الأعراب أحد بعد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إلى قتال قوم يسلمون إلا أبو بكر، ثم عمر وعثمان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهم-، فإن هؤلاء دعوهم إلى قتال: من بدا للعرب والفرس والروم ووجوب طاعة أبي وعمر وعثمان- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهم- بنصّ القرآن الّذي لا يحتمل تأويلا.
وزاد: قد وجبت طاعتهم فرضا، فقد صحت إمامتهم وخلافتهم، وليس هذا بموجب تقليدهم بغير ما أمر اللَّه تعالى فيه بطاعتهم من سائر ما أفتوا فيه باجتهادهما، إذ ليس يجب طاعة الإمام إلا فيما نصّه اللَّه تعالى ورسوله صلى اللَّه عليه وسلم فقط، لا فيما لا نصّ فيه، ولا أوجبوهم- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهم- قط طاعتهم فرضا في غير، ذلك فارتفع الإشكال.
وأيضا فهذا إجماع من الأمة كلها إذ ليس أحد إلا وخالف بعض فتاويه هؤلاء الثلاثة، فصح إجماع الأمة على ما ذكرناه.