للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلى اللَّه عليه وسلم إذا مر بحجرتي ألقى إليّ الكلمة، يقر بها عيني، فمر ولم يتكلم فعصبت رأسي، ونمت على فراشي، فمر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال: مالك يا عائشة؟:

فقلت: أشتكي رأسي، فقال صلى اللَّه عليه وسلم: بل أنا وا رأساه، وأنا الّذي أشتكى رأسي، وذلك حين أخبره جبريل عليه الصلاة والسلام أنه مقبوض. فلبثت أياما، ثم جيء به يحمله في كساء أربعة، فأدخل عليّ، فقال: يا عائشة أرسلي إلي النسوة. فلما جئن قال: إني لا أستطيع أن أختلف بينكن فأذن لي فأكون في بيت عائشة، قلن: نعم. فرأيته يحمر وجهه، ويعرق، فلم أكن رأيت ميتا قط. فقال: أقعديني فأسندته إلي، ووضعت يدي عليه، فقبلت رأسه، فرفعت يدي عنه، وظننت أنه يريد أن يصيب من رأسي فوقعت من فيه نقطة باردة علي ترقوتي أو صدري ثم مال فسقط علي الفراش،

فسجيته بثوب فلم أكن رأيت ميتا قط، فعرفت الموت بغيره، فجاء عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- يستأذن ومعه المغيرة بن شعبة، فأذنت لهما، ومددت الحجاب، فقال عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-: يا عائشة ما لنبي اللَّه؟ قالت: غشي عليه منذ ساعة، فكشف عن وجهه، فقال: وا غماه إن هذا لهو الغم، ثم غطاه، ولم يتكلم المغيرة. فلما بلغ عمر الباب، قال المغيرة: مات رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يا عمر. فقال عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-: كذبت، ما مات رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ولا يموت حتى يأمر بالمنافقين، بل أنت تجوشك فتنه، فجاء أبو بكر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- فقال: ما لرسول اللَّه يا عائشة؟ قلت:

غشي عليه منذ ساعة، فكشف عن وجهه، فوضع فمه بين عينية، ووضع يده على صدغيه، ثم قال: وا نبياه! وا صفياه! وا خليلاه! صدق اللَّه ورسوله:

إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [ (١) ] وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ [ (٢) ] ثم غطاه، وخرج إلي الناس فقال: أيها الناس: هل مع أحد منكم عهد من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم؟ قالوا: لا. قال: من


[ (١) ] الزمر: ٣٠.
[ (٢) ] الأنبياء: ٣٤.