للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالت صفية بنت عبد المطلب- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها-:

لهف نفسي! وبت كالمسلوب ... آرق الليل فعله المحروب!

من هموم وحسرة رد فتني، ... ليت أني سقيتها بشعوب!

حين قالوا: إن الرسول قد أمسى ... وافقته منية المكتوب!

إذ رأينا أن النبي صريع، ... فأشاب القذال أي مشيب

إذ رأينا بيوته موحشات، ... ليس فيهن بعد عيش حبيب

أورث القلب ذاك حزنا طويلا، ... خالط القلب، فهو كالمرعوب

ليت شعري! وكيف أمسى صحيحا ... بعد أن بين بالرسول القريب؟

أعظم الناس في البرية حقا، ... سيد الناس حبه في القلوب

فإلى اللَّه ذاك أشكو! وحسبي ... يعلم اللَّه حوبتي ونحيبي!

قالت أيضا- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها-:

أفاطم ابكي ولا تسأمي ... بصبحك، ما طلع الكوكب!

هو المرء يبكي، وحق البكاء! ... هو الماجد السيد الطيب!

فأوحشت الأرض من فقده، ... وأي البرية لا ينكب؟

فما لي بعدك حتى الممات ... إلا الجوى الداخل المنصب

فبكي الرسول! وحقت له ... شهود المدينة والغيب!

لتبكيك شمطاء مضرورة، ... إذا حجب الناس لا تحجب

ليبكيك شيخ أبو ولدة ... يطوف بعقوته أشهب

ويبكيك ركب إذا أرملوا، ... فلم يلف ما طلب الطلب

وتبكي الأباطح من فقده، ... وتبكيه مكة والأخشب

وتبكي وعيرة من فقده ... بحزن ويسعدها الميثب!

فعيني مالك لا تدمعين؟ ... وحق لدمعك يستسكب!

وقالت صفية أيضا- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها-:

أعيني جودا بدمع سجم ... يبادر غربا بما منهدم

أعيني فاسحنفرا واسكبا ... بوجد وحزن شديد الألم

على صفوة اللَّه رب العباد. ... ورب السماء وبارى النسم