للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرج أبو داود من حديث إسماعيل بن إسماعيل بن أبي فديك قال:

أخبرني عمرو بن عثمان بن هاني عن القاسم قال: دخلت على عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- فقلت: يا أمه اكشفي لي عن قبر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وصاحبيه- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما- فكشفت.

وخرجه القاسم بن أصبغ من طريق يعقوب قال: أخبرني عمرو بن عثمان ابن هانئ فذكره وزاد في آخره: رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مقدم، وأبو بكر عند رأسه، وعمر عند رجليه، رأسه عند رجلي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم [ (١) ] .


[ () ] عمر في ناحية، ثم أمر بهدمها، فما رأيته باكيا أكثر من يومئذ. ثم بناه كما أراد. فلما أن بنى البيت على القبر وهدم البيت الأول ظهرت القبور الثلاثة وكان الرمل الّذي عليها قد انهار، ففزع عمر بن عبد العزيز وأراد أن يقوم فيسويها بنفسه، فقلت له: أصلحك اللَّه، إنك إن قمت قام الناس معك، فلو أمرت رجلا أن يصلحها، ورجوت أنه يأمرني بذلك، فقال: يا مزاحم- يعني مولاه- قم فأصلحها. قال رجاء: وكان قبر أبى بكر عند وسط النبي صلى اللَّه عليه وسلم، وعمر خلف أبي بكر رأسه عند وسطه. وهذا ظاهره يخالف حديث القاسم، فان أمكن الجميع وإلا فحديث القاسم أصح. وأما ما أخرجه أبو يعلى من وجه آخر عن عائشة «أبو بكر عن يمينه وعمر عن يساره» فسنده ضعيف، ويمكن تأويله. واللَّه أعلم.
قوله: (وعن هشام) هو بالإسناد المذكور، وقد أخرجه المصنف في الاعتصام من وجه آخر عن هشام وأخرجه الإسماعيلي من طريق عبدة عن هشام وزاد فيه «وكان في بيتها موضع قبر» .
قوله: لا أزكي بضم أوله وفتح الكاف على البناء للمجهول، أي لا يثني علي بسببه ويجعل لي بذلك مزية وفضل وأنا في نفس الزمن يحتمل أن لا أكون كذلك، وهذا منها على سبيل التواضع وهضم النفس بخلاف قولها لعمر كنت أريده لنفسي فكأن اجتهادها في ذلك تغير أو لما قالت ذلك لعمر كان قل أن يقع لها ما وقع في قصة الجمل فاستحيت بعد ذلك أن تدفن هناك وقد قال عنها عمار بن ياسر وهو أحد من حاربها يومئذ:
إنها زوجة نبيكم في الدنيا والآخرة، وهو كما قال رضي اللَّه تعالى عنهم أجمعين.
[ (١) ] (سنن أبي داود) ٣/ ٥٤٩، ٥٥، كتاب الجنائز، باب (٧٢) في تسوية القبر، حديث رقم (٣٢٢٠) (فكشفت لي) أي لأجلي أو لرؤيتي (لا مشرفة) أي مرتفعة غاية الارتفاع، وقيل أو عالية أكثر من شبر (ولا لاطئة) بالهمزة والياء أي مستوية على وجه الأرض، يقال لطأ بالأرض أي لصق بها (مبطوحة) صفة لقبور.
أي مسواة مبسوطة على الأرض. قال القاري: وفيه أنها تكون حينئذ بمعنى لاطئة وتقدم نفيها والصواب أن معناها ملقاة فيها البطحاء. قال في النهاية: بطح المكان تسويته وبطح المسجد ألقى فيه البطحاء وهو الحصى