للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متفحشا ولا صخابا في الأسواق (زاد آدم: ولم أر مثله قبله، ولم أر بعده) .

وذكر الوقدي أن أعرابيا أقبل من تهامة، فقال له أصحاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم:

تعال سلّم على رسول اللَّه، قال: وفيكم رسول اللَّه؟ قالوا: نعم، قال: فأيكم رسول اللَّه؟ قالوا هذا، قال: أنت رسول اللَّه؟ قال: نعم، قال: فما في بطن ناقتي هذه إن كنت صادقا؟

قال سلمة بن سلامة بن وقش: نكحتها، فهي حبلي منك، فكره رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم مقالته وأعرض عنه، ذكر ذلك في توجه رسول اللَّه إلى بدر، ثم ذكره في عود رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم إلى بدر [ (١) ] .

قال: ولقيه الناس يهنئونه بالروحاء بفتح اللَّه، فلقيه وحوله الخزرج،

فقال سلمة بن سلامة بن وقش: ما الّذي تهنئوننا به؟ فو اللَّه ما قتلنا إلا عجائز صلعا، فتبسم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وقال: يا ابن أخي، أولئك الملأ لو رأيتهم لهبتهم، ولو أمروك لأطعتهم، ولو رأيت فعالك مع فعالهم لاحتقرته، وبئس القوم كانوا على ذلك لنبيهم، فقال سلمة بن سلامة: أعوذ باللَّه من غضبه، وغضب رسوله، إنك يا رسول اللَّه لم تزل عني معرضا منذ كنا بالروحاء في بدأتنا، فقال رسول اللَّه:

أما ما قلت للأعرابي وقعت على ناقتك فهي حبلي منك، ففحشت وقلت ما لا علم لك به، وأمّا ما قلت في القوم، فإنك عمدت إلى نعمة من نعم اللَّه تعالى تزهدها، فقبل منه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم معذرته، وكان من علية أصحابه.

وذكر الخطيب من حديث أبي داود: أخبرنا طلحة عن عبد اللَّه عن عبيد اللَّه عن أم سلمة قالت: ما طعن رسول اللَّه في حسب ولا نسب قط.

وخرّج البخاري في المناقب من حديث شعبة عن قتادة عن عبد اللَّه بن أبي عتبة عن أبي سعيد الخدريّ رضي اللَّه عنه قال: كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أشدّ حياء من العذراء في خدرها، وزاد في رواية: وإذا كره شيئا عرف في وجهه، وذكره في كتاب الأدب ولفظه: فإذا رأي شيئا يكرهه عرفناه في وجهه وخرّجه مسلم بنحوه [ (٢) ] .


[ (١) ] راجع هذا الخبر عند الكلام على غزوة بدر من هذا الجزء تحت عنوان: خبر الأعرابي بعرق الظبية» ، وانظر أيضا (سيرة ابن هشام) ج ٢ ص ١٨٧ تحت عنوان «الطريق إلى بدر» .
[ (٢) ] (مسلم بشرح النووي) ج ١٥ ص ٧٨ باب كثرة حيائه صلّى اللَّه عليه وسلّم.