للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرج الإمام أحمد من حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رجلا قال: يا محمد- يا سيدنا وابن سيدنا- وخيرنا وابن خيرنا! فقال: رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: يا أيها الناس قولوا بقولكم، لا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد بن عبد اللَّه، عبد اللَّه ورسوله، واللَّه ما أحب أن تعرفوني فوق منزلتي التي أنزلني اللَّه. وخرجه النسائي بنحوه.

وروي النّضر بن شميل عن شعبة عن قتادة قال: سمعت مطرف بن عبد اللَّه ابن الشخير عن أبيه قال: جاء رجل إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فقال: أنت سيد قريش، فقال السيد اللَّه، فقال: أنت أعظمها فيها طولا، وأعلاها فيها قولا، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يا أيها الناس قولوا بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان- وخرجه أبو داود والنسائي بنحوه أو قريبا منه.

وخرجه البخاري في الأدب المفرد من حديث مسدد، أخبرنا بشر بن المفضل، أخبرنا أبو مسلمة عن أبي نضرة عن مطرف، قال: إني انطلقت في وفد بني عامر إلى النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم: فقالوا: أنت سيدنا، فقال: السيد اللَّه، قالوا: وأفضلنا فضلا، وأعظمنا طولا، فقال: قولوا بقولكم، ولا يستجرينكم الشيطان [ (١) ] .

وللبخاريّ من حديث شعبة عن أبي إسحاق عن البراء قال: رأيت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يوم الأحزاب ينقل التراب وقد وارى التراب بطنه [ (٢) ] .


[ (١) ]
قوله: «السيد اللَّه» ،
يريد السؤدد حقيقة للَّه عزّ وجلّ، وأن الخلق كلهم عبيده، وإنما منعهم أن يدعوه سيدا، مع
قوله صلّى اللَّه عليه وسلّم: «أن سيد ولد آدم»
وقوله لبني الخزرج- قبيلة سعد-: قوموا إلى سيدكم»
- يريد سعد بن معاذ- من أجل أنهم قوم حديثو عهد بالإسلام، وكانوا يحسبون أن السيادة بالنّبوّة كهي أسباب الدنيا، وكان لهم رؤساء يعظمونهم وينقادون لأمرهم، ويسمونهم: «السادات» فعلمهم الثناء عليه وأرشدهم إلى الأدب في ذلك
فقال: «قولوا بقولكم»
يريد قولوا بقول أهل دينكم وملتكم وادعوني نبيا ورسولا، كما سماني اللَّه عز وجل في كتابه فقال: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ، يا أَيُّهَا الرَّسُولُ ولا تسموني سيدا كما تسمون رؤساءكم وعظماءكم، ولا تجعلوني مثلهم فإنّي لست كأحدهم، إذ كانوا يسودونكم بأسباب الدنيا، وأنا أسودكم بالنّبوّة والرسالة، فسموني نبيا رسولا،
وقوله: «بعض قولكم»
فيه حذف واختصار، ومعناه. دعوا بعض قولكم واتركوه، يريد بذلك الاقتصار في المقال
وقوله: «لا يستجرينكم الشيطان»
معناه لا يتخذنكم جريا، والجري: الوكيل، ويقال: الأجير أيضا: (معالم السنن للخطابي) ج ٥ ص ١٥٤- ١٥٥.
[ (٢) ] (صحيح البخاري بحاشية السندي) ج ٣ ص ٢٣ ولفظه: «لما كان يوم الأحزاب وخندق رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم رأيته ينقل من تراب الخندق حتى وارى عني الغبار جلدة بطنه، وكان كثير الشعر فسمعته يرتجز بكلمات ابن رواحة ... » .