للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن سلام، أخبرنا محمد بن سليمان عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد ابن المسيب قال: قدم كعب بن زهير متنكرا حين بلغه أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أوعده، فأتى أبا بكر رضي اللَّه عنه، فلما صلّى الصبح أتاه به وهو متلثم بعمامته، فقال:

يا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، رجل يبايعك على الإسلام، فبسط يده فحسر عن وجهه فقال:

بأبي أنت وأمي يا رسول اللَّه، هذا مقام العائذ بك من النار، أنا كعب بن زهير، فتجهمته الأنصار وغلظت له لما كان من ذكره النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم فلانت له قريش وأحبوا إسلامه، فأمّنه النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، فأنشده مدحته التي يقول فيها:

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

فكساه النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم بردة اشتراها معاوية بن أبي سفيان من الكعب بن زهير بعده بمال كثير، فهي البردة التي يلبسها الخلفاء في العيدين [ (١) ] .

وقال عمرو بن شيبة: حدثنا أحمد بن عيسى، حدثني مؤمل بن عبد الرحمن الثقفي، حدثني سهل بن المغيرة عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: دخل رسول اللَّه وأنا [أنشد] [ (٢) ] هذين البيتين:

ارفع ضعيفك لا يحربك ضعف ... يوما فتدركه عواقب ما جني [ (٣) ]

يجزيك أو يثنى عليك، وإنّ من ... أثنى عليك بما فعلت كمن جزى [ (٤) ]


[ (١) ] وأثنى فيها على المهاجرين، ولم يذكر الأنصار، فكلمته الأنصار، فصنع فيهم حينئذ شعرا، ولا أعلم له في صحبته وروايته غير هذا الخبر، وفي هذه القصيدة يقول:
إن الرسول لسيف يستضاء به ... مهنّد من سيوف اللَّه مسلول
أنبئت أن رسول اللَّه أوعدني ... والعفو عند رسول اللَّه مأمول
ومما يستجاد لكعب بن زهير قوله:
لو كنت أعجب من شيء لأجبني ... سعي الفتى وهو مخبوء له القدر
يسعى الفتى لأمور ليس يدركها ... فالنفس واحدة والهمّ منتشر
والمرء ما عاش ممدود له أمل ... لا تنتهي العين حتى ينتهي الأثر
راجع (الاستيعاب في معرفة الأصحاب) لابن عبد البر ج ٩ ص ٢٢٧، ترجمة ٢١٩١، و (الشعر والشعراء لابن قتيبة) ج ١ ص ١٥٨ وما بعدها.
[ (٢) ] زيادة للسياق.
[ (٣) ] لا يحر: لا نرجع إلى النفس، وأصل الحور الرجوع إلى النفس.
[ (٤) ] هذان البيتان غير واضحين في (خ) ، وما أثبتناهما من (الشعر والشعراء لابن قتيبة) ج ١ ص ٣٨٨ عند ترجمة زهير ابن جناب.