[ (٢) ] (مسند أحمد) ج ١ ص ٣٧٩، ولفظه: «قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: إني لأعرف آخر أهل النار خروجا من النار رجل يخرج منها زحفا، فيقال له: انطلق فادخل الجنة، قال: فيذهب يدخل فيجد الناس قد أخذوا المنازل، قال: فيرجع فيقول: قد أخذ الناس المنازل، قال: فيقال له: أتذكر الزمان الّذي كنت فيه؟ قال: فيقول: نعم، فيقال له: تمنه، فيتمنى، فيقال: إن لك الّذي تمنيت وعشرة أضعاف الدنيا، قال: فيقول: أتسخر بي وأنت الملك؟ قال: فلقد رأيت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ضحك حتى بدت نواجذه» . ورواه (مسلم) بلفظ آخر وزاد فيه «قال: فكان يقال: ذلك أدنى أهل الجنة منزلة» (مسلم بشرح النووي) ج ٢ ص ٤٠، وأما معنى «أتسخر بي» هنا ففيه أقوال أشهرها ما قاله القاضي عياض: أن يكون هذا الكلام صدر من هذا الرجل وهو غير ضابط لما قاله لما ناله من السرور ببلوغ ما لم يخطر بباله، فلم يضبط لسانه دهشا وفرحا، فقال وهو لا يعتقد حقيقة معناه، وجرى على عادته في الدنيا في مخاطبة المخلوقين، وهذا كما قال النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم في الرجل الآخر: أنه لم يضبط نفسه من الفرح فقال: أنت عبدي وأنا ربك، واللَّه أعلم. والمراد بالنواجذ هنا الأنياب، وقيل المراد بها الضواحك، وقيل المراد بها الأضراس، وهذا هو الأشهر في إطلاق النواجذ في اللغة، ولكن الصواب عند الجمهور ما قدمناه، وفي هذا جواز الضحك وأنه ليس بمكروه في بعض المواطن ولا بمسقط للمروءة إذا لم يجاوز به الحد المعتاد من أمثاله في مثل تلك الحال، واللَّه أعلم.