للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد يقضي الاعتبار فيه بالتدريج شيئا فشيئا إلى بعض السهولة بالقياس إلى ما قبله، وكذلك كانت تنزل نجوم القرآن [ (١) ] ، وسوره وآياته حين كان بمكة أقصر منها وهو بالمدينة، وانظر إلى ما قيل في نزول سورة براءة [ (٢) ] في غزوة تبوك، وأنها أنزلت أو أكثرها على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وهو يسير على ناقته بعد أن كان بمكة ينزل عليه بعض السورة من القصار المفصل [ (٣) ] في وقت، وينزل عليه الباقي في حين آخر، وكذلك كان من آخر ما نزل عليه بالمدينة آية الدين [ (٤) ] ، وهي ما هي بالطول، بعد أن كانت الآيات تنزل بمكة مثل آيات سورة الرحمن، والذاريات، والمدثر، والضحى، والعلق، وأمثالها، واعتبر من ذلك علامة تميزها بين المكيّ والمدني من السور والآيات، واللَّه المرشد إلى الصواب. هذا ما تحصل من أمر النبوة.


[ (١) ] واعلم أن القرآن نزل ليلة القدر جملة واحدة إلى سماء الدنيا، في مكان يقال له: بيت العزة، على هذا الترتيب الّذي نقرؤه، فإنه توقيفي، ثم نزل على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم في ثلاث وعشرين سنة، على حسب الوقائع لقوله تعالى: وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً [آية ٣٣/ الفرقان] ، لكن لا على هذا الترتيب، فإنه نزل عليه ثلاث وثمانون سورة بمكة، أي قبل الهجرة، ثم بالمدينة أحد وثلاثين على التحقيق.
فأول ما نزل بمكة اقْرَأْ، وآخر ما نزل بها، قيل: العنكبوت، وقيل: المؤمنون، وقيل:
وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ. وأول سورة نزلت بالمدينة: البقرة، وآخر سورة نزلت بها: المائدة. وهناك بعض سور اختلف بها، منها الفاتحة، ويمكن تكرار نزولها.
وأما أول آية نزلت على الإطلاق: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، وآخر آية على الإطلاق وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ [الآية ٢٨١ البقرة] . (حاشية العلامة الصاوي على الجلالين) : ١/ ٤.
[ (٢) ] براءة: من أسماء سورة التوبة، وهي السورة رقم [٩] في المصحف، وعدد آياتها [١٢٩] آية:
نزلت بعد سورة المائدة، وهي من القرآن المدني، إلا الآيتين الأخيرتين فمكيتان.
[ (٣) ] سور المفصل: من أول سورة الحجرات حتى آخر القرآن الكريم.
[ (٤) ] هي الآية رقم ٢٨٢/ البقرة وهي أطول آية في القرآن الكريم، أولها: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ.