للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى المرفقين، ومسح برأسه ورجليه إلى الكعبين ونضح فرجه [وسجد] [ (١) ] سجدتين مواجه البيت، ففعل محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم كما رأى جبريل يفعل، وقبل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم رسالة ربه، وسألها اللَّه بحقها، واتّبع الّذي نزل به جبريل من عند رب العرش العظيم، فلما قضى جبريل الّذي أمره به، انصرف رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم لا يمر على حجر ولا شجر إلا قال: السلام عليك يا رسول اللَّه، فرجع إلى بيته وهو مؤمن قد رأى أمرا عظيما، فلما دخل على خديجة أخبرها، قال: أرأيتك الّذي كنت أخبرتك أني رأيته في المنام؟ فإنه جبريل قد استعلن لي، أرسله إليّ ربي عزّ وجلّ، أخبرها بالذي جاءه من اللَّه وسمع فقالت: أبشر، فو اللَّه لا يفعل اللَّه بك إلا خيرا، فاقبل الّذي أتاك من اللَّه فإنك رسول اللَّه حقا،

ثم انطلقت حتى أتت غلاما لعتبة بن ربيعة بن عبد شمس- نصرانيا من أهل نينوى يقال له: عداس- فقالت: يا عدّاس أذكرك باللَّه، هل عندك من جبريل علم؟ فلما سمعها: عداس تذكر جبريل قال: قدوس قدوس، ما شأنه يذكر بهذه الأرض التي أهلا أهل الأوثان؟ قالت:

أحب أن تحدثني فيه بعلمك، قال: فإنه أمين اللَّه بينه وبين النبيين، وهو صاحب عيسى وموسى عليهما السلام.

رجعت خديجة من عنده فأتت ورقة ابن نوفل، وكان ورقة قد كره عبادة الأوثان هو وزيد بن عامر بن نفيل، وكان زيد قد حرم كل شيء حرمه من الدم والذبيحة، على النصب، وكل شيء من أبواب الظلم في الجاهلية، فلما وصفت خديجة لورقة حين جاءته شأن محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم وذكرت له جبريل وما جاء به من عند اللَّه إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قال لها: يا ابنة أخي! واللَّه ما أدري لعل صاحبك الّذي ينتظره أهل الكتاب الّذي يجدونه مكتوبا في الإنجيل، وأقسم باللَّه إن كان إياه ثم دعا إلى اللَّه وأنا حيّ لأبلين اللَّه في طاعة رسوله وحسن المؤازرة والنصرة له، فمات ورقة [ (٢) ] .


[ (١) ] زيادة للسائق.
[ (٢) ] ونحوه بسياقة أخرى فيها تقديم وتأخير في (البداية والنهاية) : ٣/ ٢٠- ٢٣، وهي رواية موسى ابن عقبة بمعنى حديث عروة بن الزبير.