للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمسلم من حديث أبي أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: إن كان لينزل على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في الغداة الباردة ثم تفيض جبهته عرقا.

وله من حديث قتادة عن الحسن عن حطان بن عبد اللَّه عن عبادة بن الصامت رضي اللَّه عنه قال: كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم إذا أنزل عليه كرب لذلك وتربد وجهه، وفي لفظ: كان النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم إذا أنزل عليه الوحي نكس رأسه، ونكس أصحابه رءوسهم، فلما أتلى [ (١) ] عنه رفع رأسه.

وفي رواية لغير مسلم: كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم إذا أنزل عليه الوحي عرفنا ذلك فيه وغمض عينيه وتربد وجهه، فنزل عليه فأمسكنا عنه، فلما سرى عنه قال:

خذوهن اقتلوهن [ (٢) ] .

ولعبد الرزاق من حديث يونس بن يزيد الأشهلي عن ابن شهاب عن عروة ابن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه القاري قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه يقول: كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم إذا نزل عليه الوحي نسمع عنه دويا كدويّ النحل.


[ () ] فنبه بالصوت غير المعهود على أنه يجيء في هيئة غير معهودة، فلذا قابله بقوله: «في مثل صورة الفتى» ، وعلى الوجهين فصلصلة الجرس مثال لصوت الوحي، والصلصلة- بصادين مهملتين مفتوحتين بينهما لام ساكنة- صوت وقوع الحديد بعضه على بعض، والجرس- بفتحتين- الجلجل الّذي يعلق في رءوس الدواب، وجه الشبه هو أنه صوت متدارك لا يدرك في أول الوهلة. وقوله:
«فيفصم» يضرب أي فيقطع عني حامل الوحي الوحي، قوله: «وقد وعيت عنه» أي حفظت عنه، أي أجده في قلبي مكشوفا متبينا بلا التباس ولا إشكال، فوله: «فينبذه» - كيضرب- أي يلقيه إليّ في صوت إنسان. واللَّه تعالى أعلم (سنن النسائي بشرح الحافظ جلال الدين السيوطي وحاشية الإمام السندي) ج ٢ ص ١٤٦، ١٤٧.
[ (١) ] قوله: «أتلى عنه» هكذا هو في معظم نسخ بلادنا، أتلى بهمزة ومثناة فوق ساكنة ولام وياء، ومعناه:
ارتفع الوحي، هكذا فسّره صاحب (التحرير) وغيره، ووقع في بعض النسخ: «أجلى» بالجيم، وفي رواية ابن ماهان «انجلى» ، ومعناها: أزيل عنه وزال عنه، وفي رواية (البخاري) : «انجلى» ، واللَّه أعلم. (مسلم بشرح النووي) ج ١٥ ص ٨٩.
[ (٢) ] في حدّ الزنا.