للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعد قدومه ستة عشر شهرا، ثم وجهه اللَّه إلى الكعبة [ (١) ] .

قال ابن عبد البر: وهذا أمر قد اختلف فيه، وأحسن شيء روى في ذلك فذكر من حديث أبي عوانة عن سليمان عن مجاهد عن ابن عباس رضي اللَّه عنه قال: كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يصلي نحو بيت المقدس وهو بمكة، والكعبة بين يديه، وبعد ما هاجر إلى المدينة ستة عشر شهرا، ثم صرفه اللَّه إلى الكعبة [ (١) ] .

وخرج مسلم من حديث عفّان [ (٢) ] قال: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رضي اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم كان يصلي نحو بيت المقدس، فنزلت قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ [ (٣) ] ، فمر رجل من بني سلمة وهم ركوع في صلاة الفجر وقد صلوا ركعة، فنادى: ألا إن القبلة قد حولت، فمالوا كما هم نحو القبلة [ (٤) ] . قال أبو عمر بن عبد البر: وروى أن المخبر لهم بما في هذا الحديث هو عباد بن بشر [ (٥) ] .


[ (١) ] ونحوهما في (مسند أحمد) بسياقات متقاربة:
١/ ٤١٣، حديث رقم (٢٢٥٢) من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما: حدثنا عبد اللَّه، حدثني أبي، حدثنا حسين بن علي عن زائدة، عن سماك بن حرب، عن عكرمة عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: «صلّى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وأصحابه إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا، ثم صرفت القبلة» .
و١/ ٥٧٦، حديث رقم (٣٢٦٠) بنحوه سواء.
و١/ ٥٨٩، حديث رقم (٣٣٥٣) : من حديث ابن عباس أيضا: «صلّى النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم نحو بيت المقدس- قال عبد الصمد: ومن معه- ستة عشر شهرا ثم حولت القبلة بعد، قال عبد الصمد:
ثم جعلت القبلة- نحو بيت المقدس» . وقال معاوية- يعني ابن عمرو-: ثم حولت القبلة بعد.
[ (٢) ] في (خ) : «عنان» ، وما أثبتناه من صحيح مسلم.
[ (٣) ] آية ٤٤/ البقرة.
[ (٤) ] (مسلم بشرح النووي) : ٥/ ١٤، حديث رقم (٥٢٧) .
[ (٥) ] هو عبّاد بن بشر بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل، الإمام أبو الربيع الأنصاري الأشهلي، أحد البدريين، كان من سادة الأوس، عاش خمسا وأربعين سنة، وهو الّذي أضاءت له عصاته ليلة انقلب إلى منزله من عند رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، أسلم على يد مصعب بن عمير، وكان أحد من قتل كعب ابن الأشرف اليهوديّ، واستعمله النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم على صدقات مزينة وبني سليم، وجعله على حرسه في غزوة تبوك، وكان كبير القدر، رضي اللَّه عنه، أبلى يوم اليمامة بلاء حسنا، وكان أحد الشجعان الموصوفين.
ابن إسحاق: عن يحيى بن عباد بن عبد اللَّه، عن أبيه قال: قالت عائشة: ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد يعتد عليهم فضلا، كلهم من بني عبد الأشهل: سعد بن معاذ، وعباد بن بشر،