للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب


[ () ] ورواه مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق، عن عبد اللَّه بن أبي سليمان به، وأصله في الصحيحين من حديث ابن عمر، وعامر بن ربيعة من غير ذكر الآية.
وفي صحيح البخاري من حديث نافع عن ابن عمر، أنه كان إذا سئل عن صلاة الخوف وصفها، ثم قال: «فإن كان خوف أشدّ من ذلك صلوا رجالا قياما على أقدامهم، وركبانا، مستقبلي القبلة وغير مستقبليها» . قال نافع: ولا أرى ابن عمر ذكر ذلك إلا عن النبي صلى اللَّه عليه وسلّم.
وقد روى من طريق آخر عن جابر، فقال الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسير هذه الآية: أخبرنا إسماعيل بن علي بن إسماعيل، أخبرنا الحسن بن علي بن شبيب، حدثني أحمد بن عبد اللَّه بن الحسن، قال: وجدت في كتاب أبي: أخبرنا عبد الملك العزرمي، عن عطاء، عن جابر قال: بعث رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم سرية كنت فيها، فأصابتنا ظلمة، فلم نعرف القبلة، فقالت طائفة منا: قد عرفنا القبلة هي ها هنا قبل الشمال، فصلوا وخطوا خطوطا، فلما أصبحوا وطلعت الشمس، أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة، فلما قفلنا من سفرنا سألنا النبي صلى اللَّه عليه وسلّم، فسكت، وأنزل اللَّه تعالى: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ.
ثم
رواه من حديث محمد بن عبيد اللَّه العزرمي عن عطاء، عن جابر به، وقال الدار الدّارقطنيّ: قرئ على عبد اللَّه بن عبد العزيز وأنا أسمع: حدثكم داود بن عمر، وأخبرنا محمد بن يزيد الواسطي، عن محمد بن سالم، عن عطاء، عن جابر، قال: كنا مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم في مسير فأصابنا غيم، فتحيرنا، فاختلفنا في القبلة، فصلى كل رجل منا على حدة، وجعل أحدنا يخط بين يديه، لنعلم أمكنتنا، فذكرنا ذلك للنّبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم، فلم يأمرنا بالإعادة وقال: «قد أجازت صلاتكم» ،
ثم قال الدار الدّارقطنيّ: كذا قال عن محمد بن سالم. وقال غيره: عن محمد بن عبد اللَّه العزرمي، عن عطاء، وهما ضعيفان.
ورواه ابن مردويه أيضا، من حديث الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم بعث سرية فأخذتهم ضبابة، فلم يهتدوا إلى القبلة، فصلوا لغير القبلة، ثم استبان لهم بعد ما طلعت الشمس، أنهم صلوا لغير القبلة، فلما جاءوا إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم حدّثوه، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية:
وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ. وهذه الأسانيد فيها ضعف، ولعله يشد بعضها بعضا. وأما إعادة الصلاة لمن تبين خطؤه ففيها قولان للعلماء، وهذه دلائل على عدم القضاء واللَّه أعلم.
قال ابن جرير: وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية في سبب النجاشي، كما
حدثنا محمد بن بشار، أخبرنا معاذ بن هشام، حدثني أبي عن قتادة، أن النبي صلى اللَّه عليه وسلّم قال: «إن أخا لكم قد مات فصلوا عليه» .
قالوا: نصلي على رجل ليس بمسلم؟ قال: فنزلت: وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ، قال قتادة: فقالوا: إنه كان لا يصلي إلى القبلة، فأنزل اللَّه: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ، وهذا غريب واللَّه تعالى أعلم.
وقيل إنه كان يصلي إلى بيت المقدس قبل أن يبلغه الناسخ إلى الكعبة، كما حكاه القرطبي عن قتادة، وذكر القرطبي: أنه لما مات صلى عليه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم فأخذ بذلك من ذهب إلى الصلاة على الغائب، قال: وهذا خاص عند أصحابنا من ثلاثة أوجه:
[أحدها] : أنه صلى اللَّه عليه وسلّم شاهده حين سوى عليه طويت له الأرض.