للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب


[ () ] قول ابن دريد بكسرها، وقد روى بالوجهين، والمشهور الضم.
وأما قوله صلى اللَّه عليه وسلّم: «فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء» ، فهكذا هو في جميع نسخ مسلم «طائفة طيبة» . ووقع في البخاري: «فكانت منه نقية قبلت الماء»
- بنون مفتوحة ثم قاف مكسورة ثم ياء مثناة من تحت مشددة- وهو بمعنى طيبة، هذا هو المشهور في روايات البخاري. ورواه الخطابي وغيره: «ثغبة» - بالثاء المثلثة والغين المعجمة والباء الموحدة- قال الخطابي: وهو مستنقع الماء في الجبال والصخور، وهو الثغب أيضا، وجمعه ثغبان. قال القاضي وصاحب (المطالع) : هذه الرواية غلط من الناقلين وتصحيف، وإحالة للمعنى، لأنه إنما جعلت هذه الطائفة الأولى مثلا لما ينبت، والثغبة لا تنبت.
وأما قوله صلى اللَّه عليه وسلّم: «وسقوا»
فقال أهل اللغة: سقى وأسقى: بمعنى لغتان، وقيل: سقاه: ناوله ليشرب، وأسقاه: جعل له سقيا.
وأما
قوله صلى اللَّه عليه وسلّم: «ورعوا»
فهو بالراء من الرعي، هكذا هو في جميع نسخ مسلم، ووقع في البخاري «وزرعوا» ، وكلاهما صحيح، واللَّه تعالى أعلم.
أما معاني الحديث ومقصوده: فهو تمثيل الهدى الّذي جاء به صلى اللَّه عليه وسلّم بالغيث، ومعناه أن الأرض ثلاثة أنواع، وكذلك الناس:
فالنوع الأول، من الأرض ينتفع بالمطر، فيحيي بعد أن كان ميتا وينبت الكلأ، فتنتفع بها الناس والدواب والزرع وغيرها، وكذا النوع الأول من الناس يبلغه الهدى والعلم، فيحفظه، فيحيا قلبه، ويعمل به، ويعلمه غيره، فينفع وينفع.
والنوع الثاني، من الأرض ما لا تقبل الانتفاع في نفسها، لكن فيها فائدة، وهي إمساك الماء لغيرها، فينتفع بها الناس والدواب، وكذا النوع الثاني من الناس، لهم قلوب حافظة، لكن ليست لهم أفهام ثاقبة، ولا رسوخ لهم في العقل، يستنبطون به المعاني والأحكام، وليس عندهم اجتهاد في الطاعة والعمل به، فهم يحفظونه حتى يأتي طالب محتاج، متعطش لما عندهم من العلم، أهل للنفع والانتفاع، فيأخذه منهم، فينتفع به، فهؤلاء نفعوا بما بلغهم.
والنوع الثالث، من الأرض السباخ، التي لا تنبت، ونحوها، فهي لا تنتفع بالماء، ولا تمسكه لينتفع بها غيرها، وكذا النوع الثالث من الناس، ليست لهم قلوب حافظة، ولا أفهام واعية، فإذا سمعوا العلم لا ينتفعون به، ولا يحفظونه لنفع غيرهم، واللَّه تعالى أعلم. وفي هذا الحديث أنواع من العلم، منها:
[١] ضرب الأمثال.
[٢] فضل العلم والتعليم.
[٣] شدة الحث عليهما.
[٤] ذم الإعراض من العلم.
واللَّه تعالى أعلم. (المرجع السابق) .