للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَاتَّبِعُونِي [ (١) ] .

والجواب عن الخامس: لا نسلّم أن قوله تعالى: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ [ (٢) ] يتناول الفعل، ويدل عليه وجهان.

الأول: أن قوله تعالى: وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [ (٢) ] على أنه عني بقوله:

ما آتاكُمُ ما أمركم.

الثاني: أن الإتيان إنما يتأتى بالقول لأنا نحفظه، وامتثاله يصير كأننا أخذناه، فكأنه صلى اللَّه عليه وسلّم أعطاناه.

والجواب عن السادس: أن الطاعة هي الإتيان بالمأمور به أو بالمراد على اختلاف المذهبين، فلم قلت: أن مجرد فعل الرسول صلى اللَّه عليه وسلّم يدل على أنّا أمرنا بمثله أو أريد منا مثله؟ والجواب عن الإجماع من وجوه.

الأول: أن هذه آحاد ولا تفيد العلم، ولهم أن يقولوا: هب أنها تفيد الظن، لكن ما حصل ظن كونه دليلا ترتب عليه ظن ثبوت الحكم، فيكون العمل به دافعا للضرر المظنون فيكون واجبا، إلا أن أكثر هذه الأخبار واردة في الصلاة والحج، فلعله صلى اللَّه عليه وسلّم كان قد بين لهم أن شرعه وشرعهم سواء في هذه الأمور،

قال صلى اللَّه عليه وسلّم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» ،

وعليه خرج مسألة التقاء الختانين [ (٣) ] ،

وقال: «خذوا عني مناسككم» ،

وعليه يقبل عمر رضي اللَّه عنه الحجر،

وقال: «هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي» .

وأما عن الوصال [ (٤) ] : فإنّهم ظنوا لما أمرهم بالصوم واشتغل معهم به أنه قصد بفعله بيان الواجب، فرد عليهم ظنهم وأنكر عليهم الموافقة.

وأما خلع النعل: فلا نعلم أنهم فعلوا ذلك واجبا، وأيضا لا يمتنع أن يكونوا


[ (١) ] آل عمران: ٣١.
[ (٢) ] الحشر: ٧.
[ (٣) ] بوجوب الغسل من الإكسال، والإكسال: هو الجماع بدون إنزال.
[ (٤) ] الوصال لغة: يكون في عفاف الحب ودعارته (ترتيب القاموس) ج ٤ ص ٦٢٠، وشرعا: تتابع الصوم من غير إفطار بالليل. قال (الخطابي) في (معالم السنن) : الوصال من خصائص ما أبيح لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم، وهو محظور على أمته. راجع (عون المعبود شرح سنن أبي داود) ج ٦ ص ٤٨٧.