للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب - ومن أمثلة الظاهر أيضًا قوله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (٣)[النساء: ٣].

فالآية ظاهرة الدلالة، في إباحة الزواج، بما طاب من النساء، دون توقف هذه الدلالة في الإباحة على أمر خارجي.

هذا مع أن الآية لم تسق للدلالة على هذا الحكم، وإنما سبقت لأمور منها: تحديد الحل بأربع زوجات، وأنه إذا خيف الجور: فالواجب الاقتصار على واحدة، أو ما ملكت اليمين.

فقد ورد في الصحاح - واللفظ لمسلم - عن عروة بن الزبير عن عائشة في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى … ﴾ الآية. قالت: "يا ابن أختي، هي اليتيمة تكون في حجر وليها تشاركه في ماله، فيعجبه مالها وجمالها، فيريد وليها أن يتزوجها من غير أن يقصد في صداقها، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن، ويبلغوا بهن أعلى سنّتهن من الصداق، وأُمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن … " الحديث (١).

وفي "جامع البيان" للطبري: قال يونس بن يزيد: قال ربيعة في قول الله: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾ قال: يقول: أتركوهنّ، فقد أحللت لكم أربعًا.

وقال الحسن والضحاك وغيرهما: إن الآية ناسخة لما كان في الجاهلية وفي أول الإسلام؛ من أن للرجل أن يتزوج من الحرائر ما شاء، فَقَصَرَتْهُنَّ الآية على أربع (٢).


(١) انظر: البخاري (٦/ ١١٦) (٢٤٩٤) و (٤٥٧٤) أول باب النكاح، مسلم (٥٠١٨)، أبو داود (٢٠٦٨)، النسائي (٣٣٤٦)، وانظر: "تفسير القرطبي" (٥/ ١١)، "تفسير ابن كثير" (١/ ١٥٠).
(٢) راجع: "تفسير الطبري" (٧/ ٥٣٢) "تفسير القرطبي" (٥/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>