للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رأي الإسنوي في حقيقة مذهب الآمدي وما نراه في ذلك]

لقد عدّ الإسنوي أبا الحسن الآمدي من القائلين بالتوقف في هذه المسألة، ثم قرر أن صاحب "الإحكام" له مع ذلك ميل إلى الإباحة، وقد أخذ الإسنوي هذا الميل من قول الآمدي: (واحتمال الإباحة أرجح نظرًا لغلبته).

والذي في "الإحكام" - كما نقلنا عبارة الآمدي من قبل - هو (كيف وأن احتمال الحمل على الإباحة أرجح). فالاحتمال الذي يعنيه الآمدي، ليس احتمال الإباحة مطلقًا، ولكنه احتمال الحمل عليها نظرًا إلى غلبة ورود مثل ذلك للإباحة دون الوجوب.

وعلى كلٍّ: فقد قرر الآمدي بعد ذلك - بما لا يحتمل الشك - أنه يقول بالتوقف، ويعتبره الأصح، وذلك ما عناه بقوله: (وبالجملة فهذه المسألة مستمدة من مسألة أن صيغة "افعل" إذا وردت مطلقة هل هي ظاهرة في الوجوب، أو الندب، أو موقوفة؟) فربَط هذه المسألة بمسألة ورود "افعل" مطلقة دون أن يسبقها حظر.

ونعود إلى ما نقلناه عن مذهبه في دلالة الأمر من قبل لنراه يقول: (ومنهم من توقف: وهو مذهب الأشعري ، ومن تابعه من أصحابه كالقاضي أبي بكر والغزالي وغيرهما، وهو الأصح (١).

[رأينا في دلالة الأمر بعد الحظر والتحريم]

هذا: وبعد عرضنا لمذهب القول بالإباحة، والقول بالوجوب، ثم القول بالتوقف، نلاحظ أن النصوص التي كانت مستند الاحتجاج لا تعطي بمجموعتها جزمًا بوجوب أو إباحة، لأن منها ما دل الأمر فيه بعد الحظر على الإباحة، ومنها ما دل فيه على الوجوب، وإن كانت نصوص الإباحة تبدو أكثر لدى الاستقراء، ولا يعني ذلك أن المخرج هو القول بالتوقف،


(١) راجع: المصدر السابق (٢/ ٢٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>