للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجمهور هو الذي جعل لخبر الآحاد المقبول عند أهل الجرح والتعديل دورًا في بيان القرآن الكريم كما سيأتي.

* * *

[المطلب الثاني ما ترتب على الاختلاف في دلالة العام]

ولقد ترتب على الاختلاف دلالة العام: اختلاف العلماء في مسألتين هامتين كان لهما أثر كبير في تفسير النصوص واستنباط الأحكام.

المسألة الأولى: جواز تخصيص العام من الكتاب أو السنة المتواترة: بالدليل الظني ابتداء كخبر الواحد (١) والقياس.


(١) الخبر المتواتر: (هو الخبر الذي اتصل بنا من رسول الله اتصالًا بلا شبهة حتى صار كالمعاين المسموع، وذلك أن يرويه قوم لا يتوهم تواطؤهم على الكذب لكثرتهم وعدالتهم وتباين أماكنهم، ويدوم هذا الحد فيكون آخره كأوله، وأوسطه كطرفيه)، وقد قرر العلماء أن المتواتر يوجب علم اليقين بمنزلة العيان علمًا ضروريًا. وانظر: "أصول البزدوي" (٢/ ٣٦).
أما خبر الواحد: (فهو كل خبر يرويه الواحد والاثنان فصاعدًا دون أن يبلغ درجة التواتر، وهو عند الأكثر لا يفيد العلم بنفسه سواء أفاده بالقرائن أم لم يفده أصلًا ولكن يوجب العمل). وانظر: "أصول البزدوي" مع "كشف الأسرار": (٢/ ٢٧٠)، "التوضيح" و"التلويح": (٢/ ٣).
الخبر المشهور: وقد ألحق الحنفية بالمتواتر - من حيث تخصيص العام - الخبر المشهور وهو عندهم: (ما يكون من الآحاد في العصر الأول - أي عصر الصحابة - ثم ينقله في العصر الثاني وما بعده قوم لا يتوهم تواطؤهم على الكذب). أما المشهور في علم أصول الحديث: فهو (ما يرويه أكثر من اثنين في كل طبقة من طبقات الرواة ولم يصل إلى حد التواتر) وهكذا يكون الحديث المشهور عند الحنفية قسيمًا للآحاد والمتواتر، فهو واسطة بينهما. أما عند المحدثين: فهو قسم من الآحاد، وهو ما لم يبلغ رتبة التواتر. قال ابن عابدين: (والذي وقع الخلاف في تبديع منكِره أو تكفيره: هو المشهور المصطلح عند الأصوليين - يعني الحنفية - لا =

<<  <  ج: ص:  >  >>