- كما سبق - في غالب عمومات الكتاب والسنة، سواء أسمى القائلون بالقطعية هذا القصر تخصيصًا، أم لم يسموه، كما أوضح ذلك التفتازاني وابن الهمام.
ولا نرى مبررًا لتخوف الشاطبي على كليات القرآن وعموماته، فالعدول إلى التخصيص: لا يكون إلا بالدليل، وليس الأمر متروكًا بلا ضوابط أو قيود.
ثم إن إبطال الكليات القرآنية: يمكن أن ينطبق على مذهب الوقف فيما لو تعدى إلى نصوص الأحكام، ولا ينطبق على القائلين بالعموم.
وعلى الأخص إذا علمنا أن الظنية المرادة، هي الظنية في دلالة العام على كل فرد من أفراده، لأن دلالة العام على أصل المعنى هي في نظرهم دلالة قطعية.
ثم ماذا يقول أبو إسحاق في واقع نصوص الكتاب والسنة التي صرف غالبها عن عمومه إلى الخصوص، وهي واردة بلسان من نزل القرآن بلغتهم! إنه فيما تحسب لا يملك دفع هذا الواقع، ولو أنه اعتبر أن ما ذهب إليه الجمهور خارجًا على العربية واستعمال السلف!.
وبعد ذلك: فإنا لا نرى أيَّ تناف بين كون دلالة العام ظنية، وبين ثبوت جوامع الكلم فيما بعث به رسول الله ﷺ، فلا عدوان على ذلك ما دمنا نعتبر العام على ظاهره، ولا نجنح إلى التخصيص إلا بدليل.
ورسول الله صلوات الله عليه إذا كان قد بعث بجوامع الكلم، فهذا لا يتنافى مع ما قُلّده من أمانة البيان الذي كان منه تخصيص كثير من عمومات القرآن، كما ثبت ذلك بالنقل العلميِّ السليم.
نقول هذا كله دفعًا لما قد يتوهم من إطلاق بعضهم: إن القرآن الكريم قطعي الثبوت وفيه ما هو ظني الدلالة. علمًا بأن اصطلاح "ظنية العام" عند