للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دون أن يقفنا على من رواه عنه. جاء في "إرشاد الفحول": (وقيل: إنها - أي صيغة الأمر - للمرة وتحتمل التكرار، وهذا مروي عن الشافعي) (١).

[رأينا في المسألة]

على أن الشافعي لم يفرد الأمر بابًا خاصًّا في الرسالة لنجد فيه ما يدل عليه الأمر من وحدة وكثرة، وإنما جام الحديث عن الأمر فيما ذكره تحت باب "فرض الله طاعة رسوله مقرونة بطاعة الله، ومذكورة وحدها" (٢) وما ذكره تحت باب "ما أبان الله لخلقه من فرضه على رسوله اتباع ما أوحى إليه" (٣) مما يفهم منه أن الأمر في الأصل للوجوب، أما ما نحن فيه من تكرار واجب، أو محتمل: فلم يعرض له.

ويبدو إلى جانب ذلك: أن الأصوليين من المتكلمين لم يجدوا في الأحكام التي استنبطها الشافعي من النصوص، ما يدل على جنوحه إلى هذا المذهب، ولذلك لم ينسبوه إليه.

وقد يكون من الواضح أن إمكان الالتباس واقع بين القول بأن صيغة الأمر لمطلق الطلب مع احتمال التكرار، وبين القول بأن صيغة الأمر تدل على المرة مع احتمال التكرار، خصوصًا إذا وضعنا في الحسبان ما جنح إليه المواسطي أحد شراح "مختصر المنتهى" والسبكي - كما مر سابقًا (٤) - من أن القائلين بالمرة من الشافعية إنما يعنون القول المختار - وهو أن الأمر يدل على مطلق الطلب، وأقلُّ ما يتحقق به هو المرة.

هذا: مع العلم أن القول بالمرة، يراه أبو إسحاق الإسفراييني مقتضى كلام الشافعي كما أسلفنا ذلك من قبل (٥).


(١) "إرشاد الفحول" (ص ٩٢).
(٢) راجع: "الرسالة" للإمام الشافعي (ص ٧٩).
(٣) المصدر السابق (ص ٨٥).
(٤) انظر ما سلف: (٢/ ٢٤٥ - ٢٤٦).
(٥) انظر ما سلف: (٢/ ٢٣٦ - ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>