للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الأول موقف العلماء من جواز التخصيص]

لم يتفق العلماء على عدم وجود من يخالف في جواز التخصيص؛ فبينما يطالعنا الغزالي بأنه لا يعلم خلافًا في ذلك، يحدثنا الآمدي وابن الحاجب وابن الهمام: أن شذوذًا قد خالفوا في الأمر، ولعل الغزالي لم يعبأ بهذا الشذوذ.

جاء في "المستصفى ": (لا نعرف خلافًا بين القائلين بالعموم في جواز تخصيصه بالدليل: إما بدليل العقل، أو السمع أو غيرهما، وكيف ينكر ذلك مع الاتفاق على تخصيص قوله تعالى: ﴿خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ١٠٢] و ﴿يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا﴾ [القصص: ٥٧] و ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا﴾ [الأحقاف: ٢٥] و ﴿وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [النمل: ٢٣] وقوله: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ٥] ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ﴾ [المائدة: ٣٨] و ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي﴾ [النور: ٢] ﴿وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ﴾ [النساء: ١١] و ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ﴾ [النساء: ١١] وقوله : "فيما سقت السماء العشر" (١).

فإن جميع هذه العمومات مخصصة بشروط في الأصل والمحل والسبب، وقلما يوجد عام لا يخصص. مثل قوله: ﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٨٢)[البقرة، و … ] فإنه باق على العموم (٢).

أما الآمدي: فقد قرر في كتابه "الإحكام": أن اتفاق القائلين بالعموم


(١) بهذا اللفظ ذكر الغزالي الحديث في "المستصفى" وهو ما رواه الشافعي في "الأم" (٧/ ١٨٠). وقد روى أحمد عن جابر (١٤٧٢١) وأصحاب الكتب الستة إلا مسلمًا عن ابن عمر أن النبي قال: "فيما سقت السماء والعيون أو كان عَثَريًا العشر؛ وفيما سقي بالنضح نصف العشر" البخاري (١٤٨٣) وأبو داود (١٥٩٦) والترمذي (٩٤٠) والنسائي (٢٤٨٨) وابن ماجه (١٨١٧). لكن لفظ النسائي وأبي داود وابن ماجه "بعلًا" بدل "عثَريًا". والعثري: بفتح العين المهملة وفتح الثاء المثلثة وكسر الراء وتشديد التحتانية هو الذي يشرب بعروقه من غير سقي. "منتقى الأخبار" مع "نيل الأوطار" (٤/ ١٩٤)، "نصب الراية" للزيلعي (٢/ ٣٨٥).
(٢) راجع: "المستصفى" (٢/ ٢٧)، طبع مصطفى محمد سنة ١٣٥٦ هـ أولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>