للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣ - بيان التبديل]

ومن أوجُه البيان عند العلماء: بيان التبديل، وهو: النسخ؛ وذلك أن يرد دليل شرعي متراخيًا عن دليل شرعي مقتضيًا خلاف حكمه؛ ولذلك عرفه الكثيرون بأنه: (بيان انتهاء حكم شرعي بدليل شرعي متراخ عنه) (١).

وقد يطلق النسخ على فعل الشارع، وإليه ذهب من قال: (هو رفع حكم شرعي بدليل شرعي متأخر).

وإنما جعل النسخ من أوجه البيان، لأنه بيان انتهاء مدة الحكم (٢).

وقد كان فيما أسلفنا من القول، أن من العلماء كالقاضي أبي زيد الدبوسي، وشمس الأئمة السرخسي: مَن يعتبر أن التعليق بالشرط، هو بيان التبديل، ولا يعدُّ النسخ من البيان.

ولقد انبنى هذا القول على أن النسخ رفع للحكم، لا إظهار للحكم، فحدُّ النسخ غير حدِّ البيان، نظرًا إلى أن النسخ - وإن كان بيان انتهاء مدة الحكم - لكن ذلك كائن في حق صاحب الشرع، فأما في حق العباد، فهو: رفع الحكم الثابت، وتبديله بحكم آخر، على ما كان معلومًا عندهم لو لم


(١) وجاء في "معاني القرآن" للقراء (١/ ٦٤): النسخ أن يعمل بالآية، ثم تنزل الأخرى ويعمل بها، وتترك الأولى. "الكشاف" للزمخشري (٢/ ٤٩٤)، "المنهاج" للقاضي البيضاوي مع شرحه لجمال الدين الإسنوي (٢/ ٢٣) بهامش التقرير والتحبير، "المرآة مع المرقاة" (٢/ ١٦٨)، "مصادر التشريع الإسلامي" (ص ١١٣) للمؤلف.
(٢) راجع: "أصول البزدوي" مع "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (٣/ ٨٢٦)، "أصول السرخسي" (٢/ ٥٣) فما بعدها، "التوضيح" لصدر الشريعة مع "التلويح" للتفتازاني (٢/ ١٧)، "التحرير" للكمال بن الهمام مع "التقرير والتحبير" لابن أمير الحاج (٣/ ٤١)، "منهاج الوصول" للبيضاوي مع "نهاية السول" للإسنوي (٢/ ٢٣) فما بعدها بهامش التقرير والتحبير. "مرقاة الوصول" شرح مرآة الأصول مع حاشية الإزميري (٢/ ١٢٦ - ١٢٨، ١٦٨). وانظر لبعض ثمرات الاختلاف في تحديد معنى النسخ: "تخريج الفروع على الأصول" للزنجاني بتحقيق المؤلف (ص ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>