وهكذا يكون بيان التقرير، كما يلاحظ في المثالين السابقين، قاطعًا للاحتمال، مقررًا للحكم على ما اقتضاء الظاهر، وذلك أوضح مراتب البيان (١).
[٢ - بيان التغيير]
أما بيان التغيير: فهو كما يتضح من اسمه:
(البيان الذي فيه تغيير لموجب اللفظ من المعنى الظاهر إلى غيره).
قال منلا خسرو: (وحقيقته بيان أن الحكم لا يتناول بعض ما يتناوله لفظه، فوجب أن يتوقف أول الكلام على آخره حتى يصير المجموع كلامًا واحدًا، لئلا يلزم التناقض) (٢).
وذلك: كالتعليق بالشرط المؤخر في الذكر، كما في قول الرجل لامرأته: أنت طالق إن دخلت الدار.
وكالاستثناء، وذلك كما في قوله: لفلان عليّ ألف إلا مائة.
فلولا الشرط في قوله: إن دخلت الدار، لوقع الطلاق في الحال.
ولولا الاستثناء في قوله: إلا مائة، بعد ذكر الألف، لكان الواجب عليه ألفًا.
فبالإتيان بالشرط: صار الطلاق معلقًا، وبذكر الاستثناء: تغير وجوب المائة في ذمته، بعد أن كان الكلام يقتضي وجوب الألف.
وقد قرر العلماء: أن تسمية التعليق، والاستثناء، ونحوهما، بيانًا: مجازٌ، لأن الشرط في قوله: إن دخلت الدار، يبطل كون الكلام إيقاعًا، ويصيِّره يمينًا. والاستثناء في قوله: ألف إلا مائة: يبطل الكلام في حق المائة.
(١) راجع: "تسهيل الوصول إلى علم الأصول" للشيخ محمد المحلاوي (ص ١١٨).
(٢) "المرآة مع المرقاة" لمنلا خسرو (٢/ ١٢٦).