للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدى وجود النصوص بهذا المعنى في الكتاب والسنّة:

لقد ذهب فريق من الأصوليين إلى أن النصوص بالمعنى القطعي للنص: عزيزة ونادرة في الكتاب والسنّة، حتى قالوا: لا يوجد ذلك إلا في ألفاظ معدودة كقوله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)[الإخلاص: ١]، ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ﴾ [الفتح: ٢٩].

وقوله : "يا أُنيس اغدُ إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها" (١).

وقوله صلوات الله عليه لأبي بردة الأسلمي في شأن الشاة التي ضحّى بها: "ولن تجزئ أحدًا بعدك" (٢).

ولكن هؤلاء نظروا إلى اللفظ في ذاته، ولم يلتفتوا إلى القرائن الحالية أو المقالية، مع أن هذه القرائن هي التي تؤدي في كثير من الأحيان إلى إبعاد الاحتمال عن اللفظ، حتى تجعلَه نصًا.

[موقف أبي الطيب الطبري وإمام الحرمين]

وقد حكى أبو الطيب الطبري (٣) مذهب القائلين بندرة النص في الكتاب والسنّة، وقرّر أن الصحيح خلافه.


(١) رواه أحمد وأصحاب الكتب الستة واللفظ لمسلم، "المسند" (١٧١٦٨)، مسلم (٤٤١٠)، البخاري (٣٣١٤)، أبو داود (٤٤٤٥)، الترمذي (١٤٣٣)، النسائي (٥٤٢٥) و (٥٤٢٦)، ابن ماجه (٢٥٤٩). وانظر: "منتقى الأخبار" (٧/ ١٩) مع "نيل الأوطار"، "بلوغ المرام" لابن حجر (٤/ ٣) مع "سبل السلام" للصنعاني.
(٢) من حديث أخرجه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي. البخاري (٥٥٥٦)، مسلم (١٩٦١)، أبو داود (٢٨٠١)، الترمذي (١٥٠٨)، "المسند" (١٨٨٩٧).
ولفظ البخاري ومسلم وأحمد: عن البراء بن عازب قال: "ضحّى خال لي يقال له: أبو بردة قبل الصلاة، فقال له رسول الله : "شاتك شاة لحم" فقال: يا رسول الله، إن عندي داجنًا جذعة من المعز، قال: "اذبحها ولا تصلح لغيرك" ثم قال: "من ذبح قبل الصلاة، فإنما يذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين". وانظر: البخاري (٥٥٤٦) "سنن أبي داود" (٣/ ٢٨)، "صحيح مسلم" (١٣/ ١٤) بشرح النووي، "سنن النسائي" (٧/ ٢٢١) (١٥٦٣).
(٣) هو القاضي طاهر بن عبد الله بن طاهر الطبري شيخ صاحب "المهذب" الذي أثنى =

<<  <  ج: ص:  >  >>