للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتوقفون في مدلول العام كلية، أو لا يرون للعام صيغة - كما يقول البعض - وهم يتوقفون حتى يقوم دليل عموم أو خصوص.

وعلى كلٍّ سنسير على طريقة جعلهم فرقتين، ليتسنى عوض الأدلة ومناقشتها بوضوح، وبذلك يتبين في هذا المعترك طريق المذهب الذي يثبت الدليل سلامته، واتساقه مع مفهومات الشريعة ولغة التنزيل.

* * *

[المطلب الثاني موقف العلماء من مذهب الوقف]

استدل الواقفية على ما ذهبوا إليه بعدة أدلة أهمها ما يلي:

١ - إن الألفاظ التي يُدَّعى عمومُها هي من قبيل المجمل، وحكم المجمل التوقف حتى يأتي البيان، إذ من المحتمل أن يكون المراد بعضَ ما تناوله ذلك اللفظ، وهذا البعض لا يمكن معرفته بالتأمل في صيغة اللفظ، كما في المشكل: بل لا بد من ورود البيان من المبيَّن.

أ - يؤيد ذلك أنه يستقيم أن يقرن بالعام على وجه البيان والتفسير: ما هو المراد به من العموم، فيؤكد بكل وأجمع، حيث يقال: جاء القوم كلهم أو أجمعون، الأمر الذي يفيد الشمول والاستغراق، ولو كان مطلق هذا اللفظ يوجب العموم، فيكون للاستغراق والشمول: لم يستقم تفسيره بلفظ آخر كالخاص؛ فإنه لا يستقيم أن يقرن به ما يكون ثابتًا بموجبه، فلا يقال: جاءني زيد كله أو جميعه.

ولما استقام في العام أن يقرن به ما يفسره ويبينه، عرفنا أنه غيرُ موجب للإحاطة بنفسه، والبعض الذي هو مراد منه غير معلوم، فيكون بمنزلة المجمل (١).


(١) راجع: "أصول السرخسي" (١/ ١٣٤)، "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (١/ ٢٩٩)، "التوضيح" مع "التلويح" (١/ ٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>