للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤ - بيان الضرورة]

أما بيان الضرورة: فيعنون به البيان بسبب الضرورة والإضافة فيه - كما سلف - هي نوع من إضافة الشيء إلى سببه. وهو كما قال شمس الأئمة السرخسي: (نوع من البيان يحصل بغير ما وضع له في الأصل) (١) فهو نوع توضيح بما لم يوضع للتوضيح (٢)؛ لأن الموضوع للبيان في الأصل هو النطق، وهذا ما لم يقع البيان به، بل بالسكوت عنه لأجل الضرورة. ومن هنا اعتبر العلماء أن البيان وقع بسبب هذه الضرورة، بما لم يوضع له البيان (٣).

وعلى هذا: لم يعتبره القاضي أبو زيد الدبوسي من أوجه البيان - كما سلف - فكانت هذه الأوجه عند غيره خمسة، وعنده أربعة، والسرخسي اختلف معه في هذه، فاعتبر بيان الضرورة، وإن اتفق معه في شأن بيان التغيير، وعدم اعتبار النسخ وجهًا من وجوه البيان (٤).

وبيان الضرورة عند القائلين به على أربعة أنواع (٥):

النوع الأول: ما يكون في حكم المنطوق، وذلك بأن يدل النطق على حكم المسكوت عنه، لكونه لازمًا لملزوم مذكور.

وقد مثّلوا له بقوله تعالى: ﴿فَإِن لَّمْ يَكُن لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبْوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ﴾ [النساء: ١١].


(١) راجع: "أصول السرخسي" (٢/ ٥٠)، وانظر: "أصول البزدوي" مع "كشف الأسرار" لعبد العزيز البخاري (٣/ ٨٦٧).
(٢) راجع: "المرآة والمرقاة" لمنلا خسرو (٣/ ١٦٦) مع حاشية الإزميري، "المنار" للنسفي وشرحه لابن ملك (٢/ ٧٠٧) مع حاشيتَي الرهاوي وعزمي زداه.
(٣) راجع: "تسهيل الوصول" للمحلاوي (ص ١٢٦ - ١٢٧).
(٤) راجع: "تقويم الأدلة" للدبوسي (ص ٤٢٩) فما بعدها، مخطوطة دار الكتب المصرية؛ "أصول السرخسي" (٢/ ٣٥ - ٥٠).
(٥) أجمل السرخسي هذه الأنواع بقوله: (وهو على أربعة أوجه: منه ما ينزل منزلة المنصوص عليه في البيان، ومنه ما يكون بيانًا بدلالة حال المتكلم، ومنه ما يكون بيانًا بضرورة دفع الغرور، ومنه ما يكون بيانًا بدلالة الكلام) "أصول السرخسي" (٢/ ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>