للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى أية حال: يكفي أن يتنكب القائلون بالوقف أو الخصوص، طريق اللغة وعرف الشرع، ليكون مذهبهم غير ذي موضوع.

على أنا نعتقد - كما أسلفنا - أنه انهزم في معترك الاستنباط، فلم يكن له أي أثر عملي. وفي كتب الأحكام وآثار الأئمة خير دليل لما نقول.

* * *

[المطلب الرابع موقف أرباب العموم]

استدل القائلون بالعموم - وهم الجمهور - على مذهبهم بنوعين من الأدلة: عقلية ونقلية - ونعرض فيما يلي للعقلية ثم للنقلية.

أولًا: الاستدلال العقلي:

كان للأئمة في الاستدلال العقلي لهذا المذهب مسالك نعرض لنماذج منها فيما يلي:

[مسلك ابن حزم]

يرى ابن حزم في كتابه "الإحكام": أن اللغة إنما وضعت ليقع بها التفاهم: فلا بد لكل معنى من اسم يختص به فلا بد لعموم الأجناس من اسم، ولعموم كل نوع من اسم، وهكذا أبدًا إلى أن يكون لكل شخص اسمه. وبعد أن اتهم ابن حزم المخالفين لذلك بالسفسطة قال:

(ولا فرق بين الأخبار والأوامر في كل ذلك، وكل اسم فهو يقتضي عموم ما يقع تحته، ولا يتعدى إلى غير ما يقع تحته، والوعد والوعيد في كل ذلك كسائر الخطاب ولا فرق) (١). ثم قال: (والحديث والقرآن كله كلفظة واحدة، فلا يحكم بآية دون أخرى، ولا بحديث دون آخر، بل يضم


(١) راجع: "الإحكام" (٣/ ١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>