لا بد لتفسير النص الشرعي في كتاب أو سنّة تفسيرًا صحيحًا عند الاستنباط، من إدراك سليم لدلالات الألفاظ على المعاني المرادة من الكلام.
وعلماؤنا الذين أقاموا أصول الفقه على خير الدعائم وأفضلها - في ظل العربية ومنطق الاستدلال الشرعي - قد تباينت أنظارهم في طرق دلالة الألفاظ على الأحكام، وضوابط تلك الطرق، الأمر الذي وطّأ لتنوُّع مصطلحاتهم في هذا المضمار، فسلك كل فريق مسلكًا خاصًّا له سماته ومميزاته. واختلاف المسالك في الأصول، كان له أثره الواضح في الفروع.
هذا ومما لا شك فيه: أن دلالة الألفاظ على الأحكام لها طرق متعددة: فالنص الشرعي أو القانوني: ليست دلالته على الحكم قاصرة على ما يفهم من عبارته؛ بل كثيرًا ما تكون الدلالة على الحكم من طريق الإشارة، أو المفهوم، أو الاقتضاء.
ولكل واحد من طرق الدلالة اعتباره في إعطاء الحكم وإلزام المكلف العمل بهذا الحكم ليخرج من العهدة، على تفاوت في المراتب، يقتضي تقديم الأقوى من تلك الدلالات على الأضعف عند التقابل.
ومن هنا قال علماء الأصول: يجب العمل بما تدل عليه عبارة النص وما تدل عليه روحه ومعقوله (١).
(١) ولقد جاء النص في القانون المدني المصري والقانون المدني السوري على العمل بما يدل عليه لفظ النص التشريعي أو فحواه. ففي المادة الأولى من القانون المدني المصري جاء ما يلي: "تسري النصوص التشريعية على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها أو في فحواها" ومثله نص المادة الأولى من القانون المدني السوري. =