للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحب "منهاج الوصول" (١) منهم قد ضيّق الدائرة في التعريف؛ فبعد أن نقل عن ابن الحاجب معنى المجمَل في اللغة قال: (وفي الاصطلاح: هو اللفظ الذي لا يفهم المراد به تفصيلًا، كأقيموا الصلاة؛ فإن العرب كانت لا تفهم من الصلاة إلا الدعاء، وأراد الشارع بها هنا غير الوضع الأصلي، وأجمله، حيث لم يبين مراده به في اللفظ، بل بيّنه الرسول بفعله حيث قال: "صلُّوا كما رأيتموني أصلي"، ونحوه) (٢).

فأنت ترى: أن ما عناء بالمجمَل هو حالة من حالات الإجمال التي أرادها الأصوليون من المتكلمين، ولا شك أن الذي عناه في التعريف يضيق عما أرادوه حين جعلوا المجمَل (غير متضح الدلالة).

موقف الإباضيَّة (٣):

أما الإباضيَّة - وهم يكتبون على طريقة المتكلمين أيضًا - فلم يكن لهم أي مسلك متميز عما كتبه المتكلمون حول هذه النقطة من مباحث المبهم؛ فقد التزموا مذهب جمهرتهم في تحديد معنى المجمَل والمتشابه، وما إلى ذلك، والأمر واضح في الذي يجده الباحث عند السالمي في كتابه "طلعة الشمس" في أصول الفقه عند الإباضية (٤).


(١) هو أحمد بن يحيى بن المرتضى بن مفضل بن منصور الحسني من سلالة الهادي إلى الحق، من أئمة الزيدية باليمن. من مؤلفاته في الفقه: "البحر الزخار الجامع المذاهب علماء الأمصار"، وفي أصول الفقه "منهاج الوصول إلى شرح معيار العقول". ثم إن كتاب "معيار العقول" كان قد جعله مقدمة أصولية للبحر الزخّار ثم أفرده بالشرح الذي سمّاه "منهاج الوصول" … وله في أصول الدين "نكت الفرائد". توفي في جبل حجه غربي صنعاء سنة ٨٤٠ هـ.
(٢) راجع: "منهاج الوصول إلى شرح معيار العقول" (ق ٣٩/ ١) مخطوطة دار الكتب المصرية، "الفصول اللؤلؤية" (ق ٤٥) مخطوطة دار الكتب المصرية.
(٣) الإباضية هم فرقة معتدلة من الخوارج تنسب إلى عبد الله بن إباض التميمي المتوفى سنة ٨٥ أو ٨٦ هـ، وممن كتبوا في أصول الفقه على طريقة المتكلمين، على أن بعض علماتهم اليوم يستنكر النسبة إلى الخوارج، وأكثر ما يوجدون في "عُمان".
(٤) انظر: "طلعة الشمس" (١/ ١٨٧ - ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>