للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي خاتمة الاستقراء لمواطن دلالة الأمر في هذه المجموعة من نصوص الكتاب والسنة: يتضح لدينا أن ما يدل عليه الأمر: هو الوجوب على وجه الحقيقة، وليس أبين من استعمال كتاب الله، وسنة رسوله، حيث إن الكتاب هو المصدر الأول لهذه الشريعة والسنة في بيانه والمصدر الثاني من بعده. فعلى هدي الاستعمال فيهما: يسير استنباط الأحكام من النصوص في طريق بعيدة عن الانحراف لا تجافي عرف الشريعة، ولا تهمل مدلولات الخطاب في لسان العرب (١).

* * *

[المطلب الثالث مسالك القائلين بغير الوجوب]

[مسلك القائلين بالندب]

كان من أهم ما استدل به القائلون بأن الأمر حقيقة في الندب: ما ثبت في السنة الصحيحة من حديث أبي هريرة قال: سمعت رسول الله يقول: "ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرةُ مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم" (٢).

ووجه الاستدلال بالحديث: أن الرسول صلوات الله عليه، رد الأمر إلى مشيئتنا، وذلك هو معنى الندب، حيث لا يأثم المأمور بالترك؛ فله أن يفعل، وله أن لا يفعل.

وكان جواب الجمهور على ذلك: أن الحديث في الواقع يصلح دليلًا للقول بالوجوب؛ لأن ما لا نستطيعه لا يجب علينا، وإنما يجب علينا ما


(١) راجع: "التلويح على التوضيح" (١/ ١٥٥)، "مفتاح الوصول" للتلمساني (١/ ١٧).
(٢) أخرجه مسلم في "صحيحه" وهو جزء من حديث متفق عليه. البخاري (٧٢٨٨)، مسلم (١٣٣٧). وراجع: "إرشاد الفحول" (ص ٩١) "التحرير" مع "التقرير والتحبير" (١/ ٣٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>