للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرهما، حين ذكر أن استدلالهم - يعني السلف - بما استدلوا به على الندب، إنما كان بقرائن صارفة عن المعنى الحقيقي - وهو الوجوب - معينة للمعنى المجازي - وهو الندب - علمنا ذلك باستقراء الواقع منهم في الصيغ المنسوب إليها الوجوب، والصيغ المنسوب إليها الندب في الكتاب والسنة، وعلمنا بالتتبع أن فهم الوجوب لا يحتاج إلى قرينة، لتبادره إلى الذهن، بخلاف فهم الندب، فإنه يحتاج إليها (١).

ولقد يرد أيضًا على الاستدلال بصنيع السلف، أنه استدلال بدليل ظني، والأدلة الظنية غير مقبولة في الأصول.

وابن الحاجب لم يسلّم بهذه الظنية، ولكنه قرر مع شارحه العضد: أنه لو سُلّم كونُ ما ينقل عن السلف دليلًا ظنيًا: لكفى هذا الدليل في الأصول، وإلا تعذر العمل بأكثر الظواهر، لأنها لا تفيد إلا الظن، والقطعُ لا سبيل إليه، فالظهور ونقل الآحاد كافيان في مدلولات الألفاظ (٢).

[الدليل الثاني]

أما الدليل الثاني: فتعرض فيه لمجموعة من نصوص الأحكام في الكتاب والسنة التي نوردها فيما يلي:

أولًا: من نصوص الكتاب:

١ - إن الله ذم إبليس على مخالفة ما أُمر به من السجود لآدم؛ وذلك في قوله جلَّ وعلا: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (١١) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (١٢)[الأعراف] (٣).


(١) راجع: "أصول السرخسي" (١/ ١٤)، "مختصر المنتهى" لابن الحاجب مع "شرحه للعضد" و "حاشية السعد" (٢/ ٨٠)، "التحرير" مع "التقرير والتحبير" (١/ ٣٠٤)، "الفصول اللؤلؤية في أصول الزيدية" (ص ٥٢) "إرشاد الفحول" (ص ٨٩).
(٢) راجع: "مختصر المنتهى" مع "شرحه للعضد" و "حاشية السعد" (٢/ ٨٠).
(٣) راجع المصدر السابق (٢/ ٨٠).
وانظر: "جمع الجوامع" للسبكي مع "شرحه للمحلي بحاشية البناني" (١/ ٣٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>