ولقد أدّى تقديس هذه المدرسة لإرادة المشرع، إلى حصر القانون بما يرد عن المشرع فقط، وهو القانون المكتوب، وعدم اعتبار العرف مصدرًا للقانون إلا بإجازة من المشرع نفسه وفي الحدود التي يجيزها، والأصل الجواز؛ فما لم ينهَ عنه الشارع، فقد أجازه، فلا يجوز أن ينشأ عرف يلغي حكمًا مخالفًا لما ينص عليه التشريع.
[الإرادة الحقيقية للشارع والإرادة المفترضة]
١ - لذا فمن الممكن أن نقرر: أنه عندما يراد تفسير نص من النصوص - على رأي هذه المدرسة - لتطبيقه على واقعة معينة، وإعطاء الحكم فيها، فإن وظيفة المفسر: هي البحث عن إرادة المشرع الحقيقية، حين قام بوضع التشريع، وعدم اللجوء إلى إرادة محتملة للمشرع وقت تطبيق القانون.
ويرى الفقهاء أن هذه السبيل في التفسير، هي سبيل الثبات والاستقرار والبعد عن التحكم. أما لو فتح الباب للتفتيش عن إرادة أخرى محتملة، لكان ذلك مدعاة لاختلاف المفسرين، والوقوع في مزالق التحكم، الذي يضاد ما يلزم تهيئته للقانون من الاستقرار.
وإرادة المشرع الحقيقية، تعرف عند الوضوح: من واقع الألفاظ ودلالتها. وتعرف عند الخفاء: بالرجوع إلى مصادر النصوص التاريخية والأعمال التحضيرية، كما يمكن أن تعرف بتقريب النصوص بعضها من بعض.
ب - وإذا وجد المفسر، أن النص لم يسعفه في إيجاد الحل لواقعة معينة معروضة عليه: فلا بد له من اللجوء - كما أسلفنا - إلى إرادة الشارع المفترضة، فينسب الحل إلى الشارع على أساس افتراض وجود إرادة له في الأخذ بهذا الحل، رافق ذلك إغفال التعبير عنها (١).
(١) انظر: الدكتور حسن غيره في "المدخل" (ص ٥١٩)، الدكتور منصور مصطفى منصور (ص ٢٥٠)، الدكتور عدنان القوتلي في "الوجيز" (ص ١٩٤).