للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قرر الحنفية ذلك بناء على اصطلاحهم في المخصص، حيث لا يعتبرون التخصيص إلا بدليل مستقل مقترن - كما أسلفنا -.

فما اعتبره غيرهم تخصيصًا حتى شاع أنه ما من عام إلا وقد خص منه البعض، هو منفي في نظرهم بناء على اصطلاحهم في تحديد الدليل الذي يكون به التخصيص.

قال صدر الشريعة في "التوضيح": (لا نسلم أن التخصيص الذي يورث الشبهة، الاحتمالُ شائعٌ فيه: بل هو في غاية القلة، لأنه إنما يكون بكلام مستقل موصول بالعام) (١) فرد صدر الشريعة على الجمهور بما هو اصطلاح الحنفية في المخصص.

[موقف التفتازاني]

غير أن التفتازاني لم يرتض كلام صدر الشريعة، وأوضح ذلك بأن القائلين بطنية دلالة العام بناءً على الاحتمال الناشئ من وفرة التخصيص، إنما يريدون بالتخصيص: قصر العام على بعض المسميات، سواء أكان بغير مستقل أم بمستقل، موصول، أو متراخ، ولا شك في شيوعه وكثرته بهذا المعنى.

وعلى ذلك قرر صاحب "التلويح" أنه إذا وقع النزاع في إطلاق اسم التخصيص على ما يكون بغير المستقل، أو بالمستقل المتراخي، فللجمهور أن يقولوا: قصر العام على بعض مسمياته شائع فيه، بمعنى أن أكثر المسميات مقصور على البعض، فيورث الشبهة في تناول الحكم لجميع الأفراد في العام، سواء أظهر له مخصص أم لا، ويصير دليلًا على احتمال الاقتصار على البعض فلا يكون قطعيًا (٢).

ولقد تابع الكمال بن الهمام صاحب "التحرير" السعدَ التفتازاني في هذا


(١) راجع: "التوضيح" (١/ ٤٠ - ٤١).
(٢) راجع: "التلويح على التوضيح" (١/ ٤٠ - ٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>